صباح أيوبالبنتاغون يبحث عن جوليان أسانج. هذا الأخير ليس متّهماً بعمل إرهابي (بعد) وليس من «طالبان» ولا رفيق أسامة بن لادن. أسانج هو مدير موقع «ويكيليكس»، الذي يهدّد حالياً وزارة الخارجية الأميركية وكلّ الجسم الدبلوماسي التابع لها، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط! والسبب، أنباء عن امتلاك مدير الموقع الإلكتروني الواسع الانتشار ملفّات رقمية وبالصوت والصورة، تكشف فضائح أعمال وزارة الخارجية الأميركية في العراق وأفغانستان وفي العالم. كما تفضح الأعمال والمهمّات السريّة التي نُفّذت خلال حربي أفغانستان والعراق. موقع «دايلي بيست» Daily Beast نشر الخبر أخيراً، وبدأت الصحف الأميركية والبريطانية تتناقله. والمؤكّد أنّ البنتاغون يعيش حالة تأهّب وذعر تحسّباً إذا ما قرر الموقع نشر تلك الملفّات. لكن، من أين جاءت كل تلك المعلومات السرية، ووقعت بين يدي الموقع المتخصّص في تسريب الوثائق السرية على الإنترنت؟
هل تذكرون الشريط المصوّر الذي عُرض على الإنترنت في نيسان (أبريل) الماضي؟ الفيلم بعنوان «قتل مباشر» Collateral Murder أظهر بالصوت والصورة من خلال كاميرا الجيش الأميركي في العراق كيف جرى قنص مدنيّين عزّل بينهم أحد المصوّرين الصحافيّين، كما بيّن الشريط كيفية تعامل الجنود الأميركيّين باستهزاء مع الموضوع. برادلي مانينغ (22 عاماً)، المحلّل الاستخباريّ التابع للجيش الأميركي هو من سرّب الشريط حينها لـ «ويكيليكس»، ولم تنفِ أيّ جهة أميركية رسمية صحّة ما جاء فيه. لكنّ السلطات سارعت إلى اعتقال مانينغ الشهر الفائت بتهمة تسريب معلومات سريّة، وهو يقبع اليوم في أحد سجون الكويت قيد التحقيق. لكنّ أحد قراصنة الإنترنت، أدريان لامو، أعلن لصحيفة «واشنطن بوست» أنّ مانينغ اتصل به وعرض عليه تسليمه 260 ألف ملف وشريط عن المهمّات الدبلوماسيّة الأميركية، «كي يرى العالم، عبر مصادر داخلية، كيف يستغلّ العالم المتحضّر شعوب العالم الثالث»! هكذا نقل لامو عن مانينغ، بعدما أبلغ السلطات الرسمية ضرورة التنبّه لما يمكن أن يكون اليوم في حوزة «ويكيليكس» بعدما أعطى مانينغ ملفّاته السرية للموقع.
«إذا كانت لديك فرصة الاطّلاع على الملفّات الرقميّة السرية، طوال 14 ساعة في اليوم، خلال 7 أيام في الأسبوع لمدة 8 أشهر، ماذا كنت ستفعل مكاني؟» يقول مانينغ للامو كما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» من خلال خزّان المحادثات بين الرجلين التي حصلت الصحيفة على نسخة منها. مانينغ يضيف: «لديّ داتا عن كل ما حدث في العراق منذ 2004 حتى 2009، مع أسماء الأشخاص المتورّطين والمواقع وعدد القتلى...» ويكمل: «أنا ذكيّ بما فيه الكفاية لمعرفة ما الذي يحدث حولي، لكنّني لا أستطيع فعل أيّ شيء على أرض الواقع... لكن لديّ قصّة جهنميّة»!
معظم الصحف والمواقع الإلكترونية الأميركية نقلت عن مانينغ قوله: «هيلاري كلينتون ومئات الدبلوماسيّين حول العالم سيصابون بنوبة عندما سيستيقظون ذات صباح، ويعلمون أنّ ملفاتهم السرية باتت مباحة للعلن ومنشورة على الشبكة الإلكترونيّة».
وبعد نشر تلك الأقوال الصادرة عن شخص كان فعليّاً في هذا الموقع المهم، دبّ الذعر في أروقة الخارجية الأميركية وتولّى البنتاغون ملاحقة مدير الموقع الذي عادةً ما ينشر مثل تلك الملفّات ومحاولة الضغط عليه لعدم نشر تلك الفضائح رغم نفي «ويكيليكس» حصوله على أيّ من تلك الملفّات.