القاهرة ـــ محمد عبد الرحمنفيما كان مستوى المبارايات الأولى في كأس العالم ضعيفاً، كانت المعركة مشتعلة على جبهة أخرى. إذ بدأت معركة إعلامية جديدة بين مصر ممثلة بقمر «نايل سات»، وقطر التي تملك شبكة قنوات «الجزيرة الرياضية». ثمّ ما لبث أن دخل الفيفا على الخطّ. إذاً، منذ الدقائق الدقائق الأولى للمونديال بدأ إطلاق النيران الإعلامية، بعدما تعرَّض إرسال قناة «الجزيرة الرياضية» للتشويش خلال مباراة الافتتاح بين جنوب أفريقيا والمكسيك، ثمّ تكرّر الأمر في مباراة فرنسا والأورغواي.
ولم تتأخّر «الجزيرة» في إطلاق بيان ساخن أكدت فيه أن التشويش متعمّد وأنها ستلاحق المسؤولين عنه، لتدخل السياسة على الخطّ بعدما بثّت «الجزيرة» الإخبارية هذا البيان أكثر من مرة في نشراتها الإخبارية.
وفور صدور البيان، توجّهت الأنظار إلى القمر المصري «نايل سات»، لأن التفكير المنطقي يؤكّد أن «التلفزيون المصري» هو المستفيد الأول من التشويش. والسبب أنّ هذا التلفزيون الحكومي اشترى من «الجزيرة» حقّ بثّ 22 مباراة من البطولة مقابل مبلغ كبير، وشرط أن يتمّ البث على القنوات الأرضية. ثمّ عادت الفضائية الرياضية القطرية وأعلنت أنها ستبثّ عدد المباريات (22 مباراة) نفسه مجاناً. هكذا، صار الجمهور المصري أمام خيارَين: إما متابعة البثّ على «الجزيرة»، أو العودة سنوات إلى الوراء والجلوس مجبرين أمام القنوات الأرضية.
من جهته، اعتبر المسؤولون في «التلفزيون المصري» وفي مقدمتهم رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» أسامة الشيخ أن هذه الاتهامات غير صحيحة. وقال الشيخ إن ««الجزيرة» هي المستفيدة من التشويش على نفسها، بعدما اكتشفت إقبال المعلنين والملايين من المصريين على متابعة التلفزيون الوطني». وأكّد أنّ التشويش حصل أيضاً على القمر الصناعي «عرب سات» الذي لا تملك مصر أي سلطة عليه.
ومع بروز الغضب المصري، تراجعت «الجزيرة» وأكّد المسوؤلون فيها أنهم لم يتهموا جهة معيّنة بالتشويش. فيما دخل الفيفا على الخط وأطلق بياناً تضامنياً مع «الجزيرة» ومع حق الجمهور في المنطقة العربية بالاستمتاع بمباريات كأس العالم. ولم يذكر الفيفا طبعاً أن الجمهور في أوروبا وباقي مناطق العالم يشاهد المباريات مجاناً!
وحاولت الفضائية القطرية تخطّي المشكلة من خلال الإعلان عن باقات جديدة على «عرب سات» و«نايل سات» لمواجهة التشويش. واللافت أن ترددات «نايل سات» لم تعمل حتى الآن، ما أثار غضب أصحاب المقاهي في مصر بعدما دفعوا اشتراكات تزيد عن مئة دولار، ولم يحصلوا على الخدمة بجودة عالية. ورد أسامة الشيخ بعنف على التلويح بقطع الإشارة عن القنوات الأرضية المصرية، مؤكداً أنه لن يتردد في الانتقال إلى أي قمر صناعي تبث الجزيرة من خلاله والحصول على الصورة ولو عليها لوغو القناة. وهو ما حدث بالفعل لبعض الوقت خلال مباراتَي الأرجنتين ونيجيريا، ثم إنكلترا وأميركا أول من أمس.


أسئلة مصرية

أثارت الأزمة بين «الجزيرة الرياضية» و«نايل سات»، علامات استفهام عدة، طرحها الجمهور المصري حول غياب دور التلفزيون الحكومي منذ سنوات عدة عن شراء حقوق المباريات العالمية وترك الساحة خالية أمام القنوات الخليجية، سعودية كانت أم قطرية. ويرى البعض أن الأزمة الأخيرة سببها هذا التخاذل المصري. ويُتوقّع أن يؤدّي التشويش الأخير إلى تهديد سمعة «نايل سات» الذي دافع عنه المسؤولون المصريون. لكنهم في الوقت نفسه، يستعدون بالتأكيد لسيناريوهات عدة للمرحلة المقبلة، إذ لا تزال البطولة في أسبوعها الأول، ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن يحدث من الآن حتى المباراة النهائية.