حسين بن حمزةبكتاب واحد صنع الطاهر لبيب اسمه. كان الطالب التونسي في عشريناته حين قلّب شعر الغزل العربي داخل ممكناته الاجتماعية والثقافية والسياسية، وخرج بكتاب «سوسيولوجيا الغزل العربي». الكتاب الذي كتب وصدر بالفرنسية أحدث نقلةً نوعية في فهم خصوصية شعر الحب العذري ودوافعه النفسية والوجودية. لقد أغوى هذا الشعر عدداً من الباحثين والنقّاد. نتذكّر كتاب «في الحب والحب العذري» لصادق جلال العظم، و«الغزل العذري» ليوسف سامي اليوسف. مساء اليوم، يستضيف مقهى «جدل بيزنطي» الباحث التونسي المقيم في بيروت للحديث عن تجربته الطويلة.
ما فعله لبيب في بحثه المرجعي، كان سابقة تأسيسية لجهة أنّ الكتاب خاطب المتلقّي الفرنسي والأوروبي لا العربي. كان الكتاب، بهذا المعنى، خلخلة لما استقر عن التراث الشعري العربي وأغراضه في ذهن القارئ الغربي، ولدى المستعربين خصوصاً. صدر الكتاب بمقدمة لأندريه ميكيل، وحظي بحفاوةٍ في الأوساط الفكرية الفرنسية، حتّى إنّ رولان بارت استشهد به أكثر من مرة، وخصوصاً في كتابه «مقاطع من خطاب عاشق». صدر الكتاب في ثلاث ترجمات عربية، قبل أن يصدر بترجمة المؤلّف نفسه العام الماضي.
بالعدّة الفلسفية نفسها والمعجم المجتمعي ذاته، نشر الطاهر لبيب كرّاساً بالعربية بعنوان «سوسيولوجيا الثقافة»، مسرِّباً مذاقاً مختلفاً إلى السجال الثقافي العربي المفتقد المفاهيم الدقيقة واللغة العلمية. كتب العديد من الدراسات والأبحاث المميزة. ترأس «الجمعية العربية لعلم الاجتماع»، لكنّه ظل صاحب «سوسيوجيا الغزل العربي»، وارتبط اسمه بالكتاب كما ترتبط قصيدة بشاعرها.
في عام 1998، ترأس الطاهر لبيب «المنظمة العربية للترجمة» التي سمحت له بترك كرسيّ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، والإقامة في بيروت، المدينة التي لطالما رنّ اسمها الطليعي في ذاكرته. في بيروت وجد إحدى خلاصات المدن. «مدن في مدينة»، كما يحلو له أن يقول في المقهى الذي يرتاده دوماً في شارع الحمرا. لعلّ دعوة «جدل بيزنطي» إلى لقاء معه هي ترجمة لحضور الطاهر لبيب بيننا. إنها فرصة للحوار مع عاشق للمدينة ذي مزاجٍ مختلف.

8:30 من مساء اليوم ـــــ «جدل بيزنطي» (كراكاس/ بيروت) ــــ للاستعلام: 01/343451