«اللبناني الحربوق» عبارة ملتصقة دوماً بالذين يعرفون ويفقهون كل شيء، ويستطيعون تدبير وتسيير أمورهم، وقد تحوّلوا مع فورة مواقع التواصل الاجتماعي الى قضاة ومحللين سياسيين ونقّاد صحافيين. إذا أخذنا مجال الإعلام اليوم، خصوصاً المرئي، مع وضعه المزري مهنياً وأخلاقياً، تكثر الشكاوى و«النق» في هذا الخصوص، ويتحول كل ناشط /ة الى راصد وناقد، وتتوزع هذه الشكاوى بالمفرق على هذه المنصات من دون أن يكون لها أثر على المدى القصير. حملة «أخبار بالكيلو» التي بدأت كهاشتاغ على تويتر بعيد إطلاق العسكريين المخطوفين في جرود عرسال في بداية الشهر الحالي، تحوّلت مع الوقت الى مساحة فاعلة على تويتر، واستطاعت تظهير بطريقة ساخرة أزمات هذا الإعلام وخطاياه، وانتقلت من الكلمة المكتوبة الى الصوت والصورة مع إنشاء قناة خاصة بها على يوتيوب.
فريق داوود إبراهيم يتألف من فيليب حتّي، أمين قبيسي، نادين حداد، جو خوري، وماهر حداد

أصحاب هذه الحملة أشخاص آتون من مجالات مختلفة جمعتهم السوشال ميديا، والصداقة لاحقاً. الصحافي المعروف داوود إبراهيم، والى جانبه فريق يسانده في الحملة: فيليب حتّي، أمين قبيسي، نادين حداد، جو خوري، والكوميدي ماهر حداد. إبراهيم المعروف بنقده اللاذع وملاحظاته على أداء الإعلام اللبناني على مواقع التواصل الاجتماعي، يسرد لـ «الأخبار» خلفية إنشاء «أخبار بالكيلو»، انطلاقاً من الواقع الإعلامي المأزوم الذي يعتمد على «الإثارة على حساب المحتوى»، ويقصّر في معالجة العديد من القضايا. لعلّ أبرز سمة لهذا الإعلام بدعة مقدمات نشرات الأخبار. لذا كانت البداية مع نشر يومي لمقدمة أخبار ساخرة تخرج عن الاعتبارات والاصطفافات السياسية، ويتناوب الفريق على كتابتها وصياغتها يومياً، وتنشر بتوقيت بث باقي النشرات الإخبارية المتلفزة عند الساعة الثامنة مساء. بدأ هذا النشر الكترونياً، وبعده تحوّل شريطاً مصّوراً تقدّمه الشابة نادين حداد، على طريقة المذيعات اللبنانيات، مع بعض الدلع والاستعراض الجسدي. لاقت هذه المقدمة رواجاً لافتاً من خلال صياغتها الساخرة. يخبرنا إبراهيم أنّها خلطة من قناتين محليتين: «الجديد» المعروفة بمقدمة نشرة أخبارها المتضمنة للسجع وللعب على الكلام والمعاني، ومن mtv التي تركز بشكل أساسي على الشكل والإطلالة. يؤكد الصحافي اللبناني على ماهية هذه المقدمة وما تحويه من سخرية عالية، يشبّهها بالكاريكاتور الذي يحتاج الى التضخيم في الكثير من الأحيان كي تبرز العيوب، مع إقامة التوازن بين الشكل والمضمون.
يضع إبراهيم خطوة "أخبار بالكيلو" اليوم ضمن «البث التجريبي» و"فترة السماح» في انتظار تبلورها وتطويرها، لتتحول صفحةً على فايسبوك، وربما لاحقاً موقعاً الكترونياً. ويبدو أن الأمر لن يقف هنا، بل ينتظر أيضاً الانتقال الى البرامج التلفزيونية ومقاربتها أيضاً بطريقة ساخرة. يخبرنا فيليب حتيّ هنا عن فقرة جديدة بعنوان «طبخ بالكيلو»، ستقارب فقرة الطبخ الثابتة على الشاشات اللبنانية، بطريقة ساخرة أيضاً، على أن يكون ظاهرها حديث عن طريقة الطهو، وباطنها مقاربة سياسية تتحدث عن طبخة الرئاسة اللبنانية مع أولى الوصفات «ملوخية بالأرانب». الى جانب هذه الفقرة راج هاشتاغ "#كذّب_وسلّينا» الذي يكشف تناقض المعلومات التي تبثها القنوات اللبنانية على الموضوع نفسه، إلى جانب "أبراج بالكيلو» التي تسخر بدورها من فقرة الأبراج التي تعمّ الشاشات صباحاً، وفقرة «صحف بالكيلو» التي تعدّ أيضاً من الثوابت التلفزيونية.