الجزائر ــ سعيد خطيبيكثيرة هي الأسماء الروائية والشعريّة التي صارت اليوم تشكّل واجهة المشهد الثقافي في الجزائر، مرّت عبر بوابة «دار البرزخ» التي تحتفل بعشر سنوات على تأسيسها. عقد من البحث والمجازفة في بلد تظلّ فيه عجلة الثقافة تعاني ركوداً وضعفاً في الميزانية السنويّة مقارنة بالقطاعات الأخرى.
لمّا أرست «البرزخ» قواعدها (2000)، كانت الجزائر تخرج للتو من مرحلة سياسية عسيرة، وحقبة دموية، راح ضحيتها عشرات الصحافيين والمثقفين. هذا الواقع انعكس سلباً على الحياة الثقافية وقلّص الإقبال على الكتاب والمطالعة. وفي وقت بدأت فيه مكتبات بلد المليون ونصف المليون شهيد تتحوّل إلى صالونات شاي ومحالّ بيع الألبسة الجاهزة، قرر الشاعر سفيان حجاج (الصورة) ورفيقة دربه الباحثة سلمى هلاّل بعد دراسة جامعيّة في فرنسا (هندسة معمارية وعلوم سياسيّة)، الانطلاق في مغامرة «مجنونة»: تأسيس دار طوّباها باسم معبّر: «البرزخ»، وأراداها وسطية في كل شيء. وسطية في الفكر والخيارات، لكن ملتزمة بنشر الكتب الأدبيّة والفكرية باللغتين العربية والفرنسية.
مع هذه التجربة، تكرّس حضور الكثير من الأقلام التي كانت تبحث عن آفاق الإفلات من العزلة والتّهميش، على غرار مصطفى بن فضيل، وعدلان مدي، ويوسف زيرم، وشوقي عماري، والمهدي أشرشور، وسميرة نقروش، وعلي مالك، وعبد الرزاق بوكبة، وحبيب أيوب، ومايسة باي، وأخيراً الشابة كوثر عظيمي... كما أعادت الدار الصلة بين بعض الكتّاب المغتربين والقارئ الجزائري، أمثال مالك علولة، ونور الدين سعدي، وارزقي ملال. لم تكتفِ «البرزخ» بالنشر، بل انخرطت في الحياة الثقافية من خلال المساهمة في تنظيم ملتقى الفلسفة (2005) و«ملتقى محمود درويش» (2009).
وها هي «دار البرزخ» بجائزة «مؤسسة الأمير كلاوس» السنوية (مئة ألف يورو)، لأنّها ـــ حسب بيان الجائزة ـــ «شكّلت دفعاً للجيل الجديد من المؤلفين الجزائريين»، و«تمكنت من خلق فضاء وسطي بين السلطة الشمولية والحركة الإسلاموية».
ينفي سفيان حجّاج في حديث لـ«الأخبار» تعرّض الدار لمضايقات، ثم يستدرك: «الإبداع الجزائري يريد الخروج من حالة التعتيم. هو يواجه بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية، التي تعوق طموحات بعض الكتّاب الشباب». ويختم: «صحيح أننا حققنا جزءاً من حلمنا. لكن ما يحزّ في قلوبنا أن البلد لا يمتلك تقاليد أدبية. ما زلنا نعاني في التوزيع وفي غياب تقليد القراءة».