محمد خيرالمناسبة افتتاح «ملتقى مصر الدولي الأول للعود». والافتتاح الذي كان ينبغي أن يقام في «دار الأوبرا» المصرية في تمام السابعة من مساء الخميس 16 أيلول (سبتمبر)، تأخر ساعة كاملة. وعند الثامنة بالضبط، نهض أحد الحضور ومعه عائلته، وتردد صوته الفخيم بين جنبات المسرح الكبير، معلناً أنه سينسحب وأسرته من الحفلة «احتجاجاً على هذا الاستهتار. فقد مرت ساعة ولم يبدأ الافتتاح بحجة عدم وصول وزير الثقافة فاروق حسني». انسحب الضيف الغاضب وأسرته وسط تشجيع الحضور الذي اكتفى بالتصفيق من دون مشاركته بالانسحاب. وبعد دقائق، يصعد رئيس البيت الفني رضا الوكيل ليعلن بداية الحفلة نيابة عن وزير الثقافة، فيرتفع صفير الاستهجان لأول مرة داخل دار الأوبرا، ولم يسمعه الوزير على أية حال، فهو لم يحضر أبداً.
بعيداً عن نادرة غياب الوزير المصري عن أحد نشاطاته المفضلة، وهو حضور افتتاح أو اختتام مهرجان ما، فإن «ملتقى مصر الدولي الأول للعود» الذي اختتم منذ أيام مثل فرصة أولى من نوعها، لا لتقديم أمسيات حافلة محورها هذه الآلة الشرقية العتيدة فحسب، ولا لتكريم بعض أهم روادها من كبار الموسيقيين فقط، بل لتكريم صناع العود أيضاً. كرّم الملتقى شيخ صناعة آلة العود في مصر فتحي أمين الذي حضر متكئاً على زنود أبنائه، فهبط له رئيس الملتقى الموسيقي العراقي نصير شمة إلى أسفل المسرح ليمنحه شهادة تكريمه. إلى جانب الصانع الشيخ، كرّم الملتقى أسماء راحلة مؤسسة منها رياض السنباطي، ورواد منهم عمار الشريعي، وأكاديميين مرموقين منهم رتيبة الحفني. وخرج التكريم عن الحدود المصرية ليلحق بالتركي فاروق تورونز، وبرموز صناعة آلة العود وعزفها ودراستها في العالم. وازدحم مدخل قاعة المسرح الكبير بآلات عود هي من الأندر والأغلى في العالم وصل سعر بعضها إلى آلاف الدولارات، فضلاً عن تجارب أخرى حديثة دُمجت فيها آلة العود بآلات أخرى مثل الكونترباص والتشيللو.
لم يكتف الملتقى بتقديم عشرات العازفين من نتاج «بيت العود العربي» الذي تأسس في مصر 1998. أولئك الذين ينتمون إلى مختلف البلدان العربية شاركوا في حفلة الافتتاح بعزف جماعي و«صولوهات» لبعضهم في لوحة غنائية كان محورها نصير شمة. في الأيام التالية، قدم بعضهم حفلات مستقلة أو بالاشتراك مع العازفين المكرسين الذين استضافهم المهرجان. إضافة إلى 33 عازفاً من بيت العود، استضاف المهرجان شربل روحانا من لبنان، وسامي نسيم من العراق، وحسين سبسبي وبشار الحسن من سوريا، وأحمد فتحي من اليمن، و«الدويتو» غسان اليوسف (سوري) ودينا عبد الحميد (مصر)، فضلاً عن حازم شاهين من مصر وغيرهم. هؤلاء شاركوا أيضاً في محاضرات وورش عمل خلال أيام الملتقى الذي أضاف رقماً جديداً إلى قائمة الملتقيات العربية الفنية في مصر، بأمل أن يكون إضافة إلى القائمة لا خصماً جديداً من رصيدها.