محمد عبد الرحمنلم تنته بعد ردود الفعل على ما بات يعرف بـ«أزمة صورة الزعماء» التي نشرتها صحيفة «الأهرام» المصرية. الخطأ الذي ارتكبته هذه الجريدة بدا فادحاً، بعدما لجأت إلى التلاعب بصورة جمعت كلاً من باراك أوباما، ومحمود عباس والملك الأردني عبد الله، وبنيامين نتنياهو، وحسني مبارك. وفيما تظهر الصورة الأصلية أن الرئيس المصري كان يسير خلف باقي الزعماء، عمدت الأهرام إلى نقله بواسطة الـ«فوتوشوب» إلى المقدّمة!
وكانت الصورة قد التقطت في البيت الأبيض يوم إعلان عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بينما أعادت «الأهرام» نشرها «معدلة» مع بدء جولة جديدة من المفاوضات في شرم الشيخ.
وما إن كُشف عن هذا التلاعب، حتى خرجت الأصوات المنتقدة للصحيفة المصرية. وعلّق الصحافي محمد طعيمة على الموضوع ساخراً: «كل صحيفة في الدنيا عندها سياسة تحريرية... إلا «الأهرام»، فهي تعتمد سياسة تعبيرية»، في إشارة واضحة إلى التبرير الذي أعلنه رئيس تحرير «الأهرام» أسامة سرايا. وقال هذا الأخير في معرض دفاعه عن هذه «السقطة المهنية» إن الصورة كانت «تعبيرية»، أي تعبّر عن موقع مصر المتقدّم في محادثات السلام! وقد أثار هذا التعليق ردود فعل جديدة، بعضها خرج من داخل «الأهرام»

Photoshop رئيس التحرير الفعلي في «الأهرام» يؤكّد على موقع مصر المتقدّم في مسيرة الاستسلام

نفسها. كذلك زادت التساؤلات عن الطريقة التي يدار بها المطبخ الصحافي في هذه الجريدة التي صدرت قبل 135 عاماً، وخصوصاً أن «التعبير عن موقع مصر» كان يمكن أن يكون بطريقة أخرى، لا بالتلاعب بصورة فوتوغرافية.
وكان الصحافي محمد حماد أبرز من انتقد تصريح سرايا، فقال: «ما فعلته «الأهرام» يضرب عرض الحائط بالقيم المهنية ويتخطى حدود اللياقة، ويلامس حدود الجريمة المهنية غير المبررة. والأنكى أن يتصوّر رئيس تحرير الصحيفة أن اللعب بالألفاظ يمكّنه من الهرب ممّا فعلته يداه...».
وقد دفعت حملات الهجوم على «الأهرام»، رئيس السكرتارية الفنية في الجريدة أنور عبد اللطيف إلى الردّ على الاتهامات الموجّهة إلى فريق العمل المسؤول عن الصور والإخراج في الجريدة. وذكر عبد اللطيف في رده المراحل التي مرت بها فكرة خروج الصورة بهذا الشكل، مؤكداً أن القيادات الصحافية المعنية وافقت بالإجماع «بما أنّ النية كانت خالصة، وهي تأكيد دور مصر في المفاوضات، ولهذا جرت تنقية الصورة من الملامح التي تشير إلى أن الصورة الأصلية التُقِطت في البيت الأبيض». لكن عبد اللطيف لم يكتف بالتوضيح، بل وصف من هاجموا «الأهرام» بـ«غير الاختصاصيين»، قائلاً: «رغم لجوء «الأهرام» إلى الأساليب الاحترافية المتبعة في كبرى الصحف العالمية، إلا أن البعض ممن لا يعرفون أسس الصحافة الحديثة وتقنياتها، رأوا في هذه الصورة فرصة للنيل من اسم «الأهرام» وصدقيتها». وأضاف أن منتقدي الصحيفة لم يشيروا إلى أن «الأهرام» نشرت الصورة الحقيقية في وقت سابق، أي أثناء انعقاد قمة واشنطن.