شُغلت «البوتقة» بالترجمة الافتراضيّة، لتجد نفسها أمام المحاكم بسبب كتاب لجيهان السادات. قضيّة تفتح ملف «دار الشروق» التي وجّهت إليها انتقادات عدّة في هذا السياق
القاهرة ــ محمد شعير
«مؤسسة مستقلّة» هكذا يصف الكاتب القصصي المصري محمد المخزنجي مواطنته هالة صلاح الدين، صاحبة موقع مجلة «البوتقة» المتخصِّصة في ترجمة القصة الأميركيّة الحديثة... لا تستند المترجمة المصريّة المذكورة إلى أية مؤسسة أو جمعية، بل تترجم، بمبادرة فرديّة، أربع أو خمس قصص كل فصل، وتنشرها على الموقع الذي تشرف عليه. كما تتابع ما ينشر حديثاً ، وتتصل بالكتّاب ووكلائهم الأدبيين من أجل الحصول على حقوق الترجمة... وتتولى مختلف المهمات الإلكترونية الخاصة بالموقع، وتجد الوقت أحياناً للردّ على رسائل القراء.
رغم إيمانها بأنّه حان «وداع عصر الورق»، أقدمت هالة صلاح الدين على نشر كتابين ورقيين: الأول ترجمتها لرواية «فنان من العالم الطليق» للأديب الإنكليزي ذي الأصل الياباني كازو إيشيغورو، والثاني مذكرات جيهان السادات «أملي في السلام» الذي نشرته «دار الشروق»... لكنّ تلك الترجمة قادتها إلى المحاكم.
بدأت القصة حين نشرت «الشروق» مذكرات زوجة السادات التي تولت ترجمتها من الإنكليزيّة صاحبة «البوتقة». أشارت الدار بخط صغير في صفحة داخلية إلى اسم المترجمة... ثم أقامت حفلة توقيع للكتاب في أيار (مايو) من العام الماضي، ولم توجّه أي دعوة إلى هالة صلاح الدين التي عرفت بموعد الإطلاق من خلال الصحف. التصرفان السابقان أثارا استياء المترجمة، فأصدرت بياناً أرسلته إلى «دار الشروق» وعمّمته على الإعلام تؤكّد فيه أن الدار «لا تكنّ احتراماً للمتعاملين معها من المترجمين، سواء عن غفلة أو عن استهتار»، معلنةً قطع علاقتها نهائياً بـ«دار الشروق» وكل ما له علاقة بتلك الدار. وحذرت صلاح الدين «من إصدار طبعة ثانية من الكتاب أو إلحاق اسم آخر بنصها المترجَم»، معتبرة طريقة الدار في التعاطي معها انتهاكاً لمهنة الترجمة. «لا يشرّفني التعامل مع دار نشر لا تحافظ على حقوق المترجمين الأدبية. ولْتعلم أن المترجم فنان وليس مجرد ناقل، ولن يحدث أن يحل «غوغل» محله في أي وقت من الأوقات».
وبعد عام على تداعيات الخلاف بينها وبين ابراهيم المعلم صاحب «دار الشروق» (راجع ص 16)، فوجئت المترجمة الأسبوع الماضي، باستدعاء جديد من النيابة العامة. المترجمة نفت في التحقيق الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة أنّ صاحب «الشروق» يستند في دعواه إلى أقوال مدوّنة «هندة» التي لا تمت بصلة إلى مجلتها «البوتقة». وتقدمت صلاح الدين رسمياً أمام النيابة بما يثبت أن الصفحة التي يزعم المعلم انتسابها إلى مجلة «البوتقة» لا تمت إليها بصلة. «حفلة توقيع الكتاب والبيان الصادر عنّي كانا في أيار (مايو) العام الماضي، أي إنّه مر على تلك الأزمة عام وأربعة أشهر. ولا أعرف لماذا ينتظر المعلم كل هذه المدة ليرفع القضية». واستغربت هالة «أن يكون لدى دار نشر بحجم «الشروق»، من الوقت والموارد لرفع قضية لا أجد أنا وقتاً للاهتمام بها».

كثرت الشكاوى على صاحب «دار الشروق» من المترجمين المصريين
حاولنا مراراً الاتصال بالمهندس إبراهيم المعلم، صاحب «الشروق»، لمعرفة وجهة نظره فلم يردّ على اتصالاتنا، وواجهنا المصاعب نفسها مع محامي الدار. وأكّد أحد العاملين معه أنه مشغول بقضايا مهمّة، ولا يرد على المكالمات الهاتفية. لكن مصدراً مطلعاً على تفاعلات القضيّة، أبدى تخوّفه من أن تكون الدار بصدد إصدار طبعة جديدة من «أملي في السلام»، وتخشى قيام المترجمة باتخاذ أي إجراء قانوني يمنعها من ذلك. لهذا، أعادت إثارة القضيّة بهذا الشكل لتربك هالة صلاح الدين، وتضعها في موقع دفاعي.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها مترجم مشكلات مع «الشروق». فقد فوجئ أبو بكر يوسف بعدم وجود اسمه على غلاف الأعمال المختارة للكاتب الروسي أنطون تشيخوف، بعد صدورها عن الدار في أربعة مجلدات. وحين سأل عن السبب، أوضح له مسؤولون في الدار أنّ أسماء المترجمين لا ترد على الغلاف في أيٍّ من منشوراتها «كما هو العرف في أوروبا»! كلام غير دقيق، يقول أبو بكر يوسف، و«منطق مستهجن في التعامل مع مشروع طويل النفس لتعريب نصوص تشيخوف التي يبحث عنها القارئ المصري والعربي».

http://albawtaka.com


«البوتقة» ورقياً

الموقع الإلكتروني الأول المتخصّص في ترجمة القصة الأميركية الجديدة، لاقى نجاحاً واسعاً. دور نشر كثيرة اقترحت نشر مضمونه في كتب، لكنّ هالة صلاح الدين رفضت كل العروض، خصوصاً أنّها تطمح إلى إطلاق دار تحمل اسم الموقع، تتولّى إصدار الترجمات في مجلدات ورقيّة.