لم تعد كرة القدم فضاء الصراع الوحيد بين الشعوب العربية المغلوب على أمرها، فقد دخلت الدراما على الخطّ خلال الموسم الرمضاني: بالأمس غضبت المغرب من الكويت بسبب سلسلة «بوقتادة وبونبيل»، وها هي تفتح «جبهة» جديدة مع مصر
محمد عبد الرحمن
فيما لا تزال الأجواء متوترة بين مصر والجزائر إثر أزمة مباراة أم درمان الشهيرة بين منتخبي البلدين، ما انعكس سلباً على وجود الدراما المصرية على الشاشات الجزائرية الحكومية من جهة، وعلى قلّة الحضور الفني والثقافي الجزائري في القاهرة من جهة أخرى، دخل «العار» على الخطّ!
المسلسل الذي يعرض حالياً على العديد من القنوات المصرية مثّل، بدايةً، أزمة شبه رسمية بين المغرب ومصر، وخصوصاً بعدما أعلن وزير الاتصال المغربي خالد الناصري أن المغرب سيعير هذه القضية ما يلزمها من الاهتمام، وسيدافع بما يلزم من الجدية والحزم عن كرامة المغاربة، رجالاً ونساءً.
والقضية التي يتكلم عنها الوزير هي ظهور ممثلة مغربية في شخصية بائعة هوى تتلاعب برجل ثري يجسده مصطفى شعبان وتتزوج منه عرفياً وتبحث طوال الوقت عن كيفية استغلاله والحصول على القدر الأكبر من ثروته.
وتأتي هذه الأزمة بعد أخرى سبّبها السلسلة الكارتونية الكويتية بعنوان «بوقتادة وبونبيل» (راجع «الأخبار عدد 27 آب/ أغسطس 2010). واتّهم بعض المغاربة العمل بأنّه يمسّ بكرامة المغربيات وقدّمهن على أنهن ساحرات ومشعوذات يسعين إلى الزواج من رجال الخليج بكلّ الطرق. وكما هو معروف، فإنّ الكثير من الأعمال تركّز على تصوير نساء المغرب بأنّهن يلجأن إلى أعمال السحر، ما يفسر الغضب من السلسلة الكويتية الذي وصل إلى حد اختراق موقع الديوان الأميري الكويتي. ولم ينجح اعتذار قناة «الوطن» الكويتية التي تبث السلسلة في تهدئة الرأي العام هناك. وهو ما تكرّر مع وزارة الإعلام المصرية التي تعرّض موقعها للاختراق منذ يومين. وسرعان ما بدأت أسرة المسلسل حملة دفاع عن العمل، وخصوصاً أنّ بعضهم تكلّم عن سبب إظهار جنسية الممثلة، بما أنّه كان ممكناً تفادي الأمر والكلام عنها باعتبارها عربية من دون تحديد اسم الدولة التي تنتمي إليها. وأول من أمس الأربعاء، أصدرت شيرين عادل مخرجة «العار» بياناً انتشر على الهواتف الخلوية، وجاء فيه «توضح أسرة مسلسل «العار» أنّ الشخصية المغربية التي ظهرت في الأحداث جاءت مصادفة ومن دون أي قصد من صنّاع العمل. كما أنها مجرد حالة فردية ولا تمثل المرأة المغربية في أي حال من الأحوال، فوجود الصالح والطالح أمر طبيعي في أي مجتمع. وتؤكد أسرة المسلسل احترامها للشعوب العربية كافة والشعب المغربي الشقيق بوجه خاص». فيما التقت الممثلة المغربية إيمان شاكر التي جسدت الشخصية العديد من الصحافيين المصريين لتوضيح موقفها، والحد من تفاقم الأزمة التي قد تنعكس سلباً أيضاً على تسويق المسلسل إلى قنوات المغرب العربي بعد رمضان.
أما مؤلف المسلسل أحمد أبو زيد، فقد رفض منذ البداية الاتهامات المساقة، وأكد أنّ لعائلته أصولاً مغربية، وتساءل عن الحساسية المفرطة في التعامل مع شخصية درامية باعتبارها تمثل شعباً بأكمله. وأكّد أن قواعد الدراما تظل مختلفة طوال الوقت، وأن هناك مَن يظن أن النساء المصريات يسرن في الشوارع كما يراهن في المسلسلات. وعندما يصل إلى القاهرة، يدرك العكس لأنّ الدراما تركز دائماً على نماذج معينة، لكن ذلك لا يعني أبداً التعميم.
ويبدو أنّ نجاح المسلسل جماهيرياً تحوّل إلى نقمة بالتدريج. على رغم الانتقادات التي طاردت العمل خلال تصويره ووصفه بأنّه محاولة لاستغلال النجاح الكبير للفيلم الشهير «العار»، إلا أنّ التيمة التي تقوم عليها دراما الحلقات نجحت في جذب شريحة كبيرة من الجمهور. إذ إنّ الفيلم ينتهي بفشل الأبناء الثلاثة في صفقة المخدرات وإصابة أحدهم بالجنون وانتحار الآخر. لكن المسلسل يبدأ بنجاح صفقة المخدرات بعد وفاة الأب، ثم يقرر اثنان من الأبناء (مصطفى شعبان وأحمد رزق) الحصول على نصيبيهما من المال. فيما يرفض الآخران (شريف سلامة وهبة مجدي) ليتابع الجمهور يوماً بعد آخر مصير كل منهم مع المال الحرام. فيما أثارت الفنانة علا غانم كالعادة أزمة بسبب ملابسها بعدما ظهرت في بعض المشاهد بلباس البحر وبالقرب من مسبح. وهو ما اعتبره بعضهم عدم مراعاة لقدسية الشهر الكريم. وتجسّد علا شخصية فتاة يتزوجها سراً والد الأبناء الأربعة قبل وفاته ــــ يجسّده حسن حسني ــــ وتنجح بمساعدة أحد الأشخاص، في الحصول على قدر كبير من الثروة قبل أن تتعرض هي الأخرى للنصب من هذا الشخص... وللهجوم من الصحافة التي اعتادت شن حملات مماثلة كلما ظهرت علا غانم في عمل سينمائي أو تلفزيوني خلال السنوات الأخيرة. لكن أزمة غانم تظل محلية ومتكررة ومألوفة. لهذا، لم يعلّق عليها صنّاع المسلسل الذين توجّهت أنظارهم أكثر إلى ثورة الغضب المغربية.


بين مصطفى ونور

حالة أخرى من الجدل أثارها الممثل مصطفى شعبان الذي يجسد الشخصية نفسها التي قدمها نور الشريف في الفيلم الشهير «العار»، وإن اختلفت الأسماء وبعض التفاصيل. إذ اتهم كثيرون شعبان بتقليد نور الشريف، فيما رأى البعض الآخر أنّ الدور أعاد إلى الممثل الشاب بريقاً فقده في الأعمال التي قدمها للسينما والتلفزيون خلال السنوات الأخيرة. لكنّ نور الشريف نفسه أنهى الجدل وأشاد بأداء مصطفى شعبان، مؤكداً أنه نجح في تقديم حالة درامية خاصة به. وكان شعبان قد عرف الطريق نحو جماهيرية التلفزيون بعدما أدى شخصية نجل نور الشريف في المسلسل الشهير «عائلة الحاج متولي».