أمسية صوفيّة ـ معاصرة يحييها المغني السوري الليلة في بيروت. يأتي برفقة خلّانه الشعراء ليقدّم، مع ليندا بيطار، بعضاً من ريبرتواره ومن ألبومه الجديد «لا أحد»

وسام كنعان
اختار بشار زرقان السير في طريق وعرة. منذ بدأ حياته الفنية ممثلاً ومغنياً في مسرح سعد الله ونوس، والمغني السوري ملتزم بالغناء الروحاني والمتصوف. أخذ على عاتقه إعادة إحياء نصوص قديمة للحلاج وابن الفارض وغيرهما، ومزج الشعر الصوفي بلحن حداثي. على خشبة «مسرح المدينة» (بيروت)، سيقف الليلة مع فرقته المؤلفة من ستة عازفين، وثلاثة مغنين، إضافةً إلى المطربة السورية ليندا بيطار لإحياء حفلة ضمن أمسيات المسرح الرمضانيّة.
سينشد زرقان الليلة من ريبرتواره القديم، إضافةً إلى مختارات من ألبومه الجديد «لا أحد»... وستحمل الأمسية عنوان «أنا من أهوى»، إذ يفتتحها زرقان بأدائه لقصيدة الحلاج الشهيرة. بقي زرقان بعيداً عن النجومية بمعناها الجماهيري، ويعيد ذلك إلى الضعف الترويجي الذي تلقاه أعماله الموسيقيّة: «لا شك في أنّ ما أقدمه لا يرقى إلى مستوى اليومي والعادي». ويضيف: «تحمل مادتي الموسيقية هماً له علاقة بالتزاوج بين النص الشعري والموسيقى. وهي جزء من التنوع على الساحة الموسيقيّة، يستمع إليها المتلقّي إلى جانب أنواع أخرى: شعبية ودينية وروحية وغير ذلك...».
يعترف بشار بأن القصيدة باتت تعيش غربة حقيقية في زمن الفضائيات، وفي سوق الكاسيت والـ «سي دي». لكنّ ذلك لم يمنعه من البحث عن نص شعري يحرّض أحاسيسه، ويفتح أمامه أفقاً للتأليف. مغنّي «تِهْ دلالاً» (عن قصيدة ابن الفارض)، وجد ضالّته في الشعر الصوفي (الحلاج وابن الفارض ورابعة العدوية...) والشعر العربي الحديث (السياب، ودرويش)... ولم يخذله الجمهور في زمن الفن الهابط: «اكتشفت أن هناك من يحبّ هذا النوع من الغناء، ويستمع إليه بتمعّن».
شارك المغني والملحن والممثل السوري في مهرجانات عدة من باريس إلى برلين والولايات المتحدة، وصولاً إلى القاهرة وبيروت وعمان والمغرب. لكنه مُغيَّب عن الحفلات في سوريا منذ سنوات. بعدما غنى جدارية محمود درويش (2002)، لم يتلقّ أي دعوة لإقامة حفلات في بلده. يأسف لكون احتفالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية» قد تجاهلته، ومثلها المهرجانات الأخرى: «القيمون على معظم الفعاليات الفنية في سوريا يعشقون استيراد الفنانين من الخارج، حتى وإن لم يكن المشاركون على مستوى لائق. للأسف ما زال الفنان السوري يعامل بطريقة غير محترمة في بلده».

غنّى في مدن عربيّة وغربيّة كثيرة، لكنّ دمشق ما زالت تضيق بتجربته

تلك المعوقات لم تثنه عن خوض مغامرة غير مسبوقة في تحويل بيته العربي في الشام القديمة، إلى مجمع ثقافي وفني أطلق عليه اسم «دارة زرقان». استضافت الدارة موسيقيين وفنانين وشعراء منهم محمود درويش وأدونيس... وبعدما توقف مشروع الدارة لفترة، ها هو يعاود نشاطه.
في أسطواناته الثلاث السابقة «طير لا تطير» (1999)، و«مغناة جدارية»، و«حالي أنت»، اختار زرقان نصوصاً يرى أنها تحمل دلالات موسيقية ومحرضات بصيغة السؤال. وهي لغة يتفرّد بها الشعراء الذين يغني لهم. وفي ألبومه الرابع الذي يصدر قريباً تحت عنوان «لا أحد»، قرر سحب النص الروحاني والصوفي نحو حالة أكثر شعبية من خلال اللحن والغناء... ويفتتح بشار زرقان الألبوم الجديد بقصيدة للحلاج. ثم يغنّي لمحمود درويش «فكّر بغيرك»، إضافةً إلى قصيدة «شجر اللوز» لطاهر رياض، وصولاً إلى مختارات قصيرة من قصائد لعمر ابن الفارض. وبعيداً عن كل ذلك يذهب الفنان نحو مغامرة جديدة من خلال أغنية عنوانها «اقرأ» وهي محاورة حديثة لأسطورة دينية قديمة...

الليلة عند العاشرة ـــــ «مسرح المدينة» (بيروت) ـــــ للاستعلام: 753010/01