«بنحبّك يا ريّس» والآتي أعظم...رفضت الرقابة مجدداً فيلم يوسف معاطي بحجة احتوائه على «دعاية سياسية لا تتناسب مع الوضع السياسي القائم»!

القاهرة ـــــ محمد خير
ربما لم يتابع السيناريست يوسف معاطي أخبار الهجمة الرقابية على الإعلام المصري، وإلا لما تقدّم بسيناريو «هما حبوا بعض» الذي رفضته الرقابة حتى بعد تغيير اسمه وموضوعه مراراً. الفيلم المرفوض تقدم به صاحبه للرقابة عندما كان يرأسها علي أبو شادي. كان اسم الفيلم آنذاك «ابن الرئيس» ويدور حول حب ابن رئيس دولة غير محددة لابنة زعيم المعارضة (في إطار كوميدي). لم تشفع الكوميديا ولا تجهيل الدولة للفيلم. رفضته رقابة أبو شادي، ثم رفضته رقابة سيد خطاب الذي تولى منصب الرقيب عام 2009. وجاء رفض الفيلم ضمن 10 أعمال أخرى رفضت في نيسان (أبريل) 2010، فكان الحل أمام صناع الفيلم المرشح لبطولته محمد عادل إمام، أن يتنازلوا عن شخصية الرئيس. هكذا أصبح ابن رئيس الدولة ابناً لرئيس الوزراء، وظلت الدولة غير محددة، لكن بلا نتيجة. إذ جاء الرفض الرقابي الأخير قبل أيام متعللاً بسبب آخر أكثر عمومية. الفيلم يحوي «دعاية سياسية لا تتناسب مع الوضع السياسي القائم». ولا شك في أن سوء الحظ لحق بيوسف معاطي، وهو رفيق «الزعيم» عادل إمام في أفلامه الأخيرة. ربما لأنه لم يجرب معالجة شخصية الرئيس ــــ أو ابنه ــــ سينمائياً سوى في العامين الأخيرين، أي بعد سنوات من إفلات كتّاب أقل نفوذاً بأفلام «رئاسية» خلال سنوات الحراك السياسي المصري الذي يخنَق الآن.
مَن يتذكر الضجة التي أثارها ظهور رئيس الجمهورية «بظهره» فقط، في «جواز بقرار جمهوري» (خالد يوسف، 2001)، يصعب عليه تصور أن شخصية الرئيس ستتجسد واقعياً على يد الكوميديان هاني رمزي في «ظاظا رئيس جمهورية» (علي عبد الخالق، 2006). الفيلم الأخير كان ذروة الكوميديا السياسية الخفيفة. وكانت مفاجأة السيناريست طارق عبد الجليل أنّ المواطن سعيد ظاظا يخوض الانتخابات، ويفوز على الرئيس العجوز متولي الحناوي (كمال الشناوي). يصبح ظاظا رئيساً ويسعى إلى الحصول على الأسلحة واستقلال القرار السياسي، فتقرر جهات أجنبية اغتياله أمام شعبه.
لكن المخرج إيهاب لمعي تقدم خطوة إضافية في فيلمه »الديكتاتور» (2009)، حيث الدولة الخيالية «بامبوزيا» يحكمها الرئيس المستبد شنن الجيوشي (حسن حسني)، وللرئيس ولدان لاهيان هما حكيم وعزيز (يؤدي الدورين خالد سرحان). النجلان فاسدان، يزور أحدهما الدولة المجاورة «مصر» في وقت تندلع فيه الثورة في بامبوزيا ويُخلع الديكتاتور. لكنّه سرعان ما يعود، ليستأنف استبداده. وقد رأى النقاد في الشريط تجربة جريئة عابها فقرها الفني.
عكس هذه المحاولات لانتزاع مساحة سياسية معارضة «كوميدية دوماً»، فيوسف معاطي نفسه، خاض تجربة اقتباس شخصية الرئيس، لكنها الأكثر تجميلاً لشخصيته. في «طباخ الريّس» (سعيد حامد، 2008)، يُختار متولي (طلعت زكريا) ليصبح طباخ الرئيس (خالد زكي). يتحول متولي إلى صوت الناس الذي لا يصل إلى الرئيس (طبعاً لأن معاوني الرئيس الأشرار يحجبون عنه الحقيقة). لكن بعد أن يستمع الرئيس إلى طباخه الجديد، يقرّر النزول إلى الشارع والتعرف إلى مشكلات الناس. لم يواجه العمل طبعاً أي مصاعب رقابية. بل إن الرئيس المصري الحقيقي أعجب به. وعندما تماثل طلعت زكريا من وعكة ألمت به أخيراً، استقبله مبارك في لقاء طويل. وأعلن زكريا بعدها أن الرئيس وافق على فيلمه الجديد «بنحبّك يا ريـّس»!