بعد وقف أربع قنوات تبثّ على «نايل سات»، فوجئ الجمهور المصري أول من أمس بصدور قرار مشابه طال هذه المرّة 14 محطة بحجّة التعرّض للأديان السماوية، والترويج للخرافة ... والإباحيّة
محمد عبد الرحمن
في السنوات الأخيرة، ارتفعت الأصوات المحتجّة على انتشار قنوات التطرّف الديني، والإباحيّة والشعوذة. وكانت الانتقادات تنهال على هذه الفضائيات من كل حدب وصوب. وعندما قرّرت إدارة «نايل سات» التحرّك ووقف بثّ هذه المحطات، جاءت النتيجة عكسية. حتى أبرز المعارضين لهذه القنوات رفض الطريقة التي تمّت من خلالها معالجة هذا الملفّ، وخصوصاً أن عملية وقف البثّ حصلت من دون إنذار مسبق، ودون ذكر الوقائع التي تدين هذه التلفزيونات.
حالما صدر قرار وقف البثّ، خرجت شائعات عدة حول الموضوع، أبرزها أنّ المستهدف من هذه القرارات هو القنوات الدينية، وأن إقفال باقي الفضائيات هو تمويه فقط، لتفادي أي اتهامات قد توجّه إلى القمر الصناعي المصري بمحاصرة الإعلام الديني. كذلك تساءل البعض عن تعدّد الجهات التي تصدر قرارات وقف البثّ، وخصوصاً بعد إغلاق استديوهات قناة «أوربت»، بقرار صادر من إدارة «مدينة الإنتاج الإعلامي»، في وقت يسمح فيه «نايل سات» للمحطة بالبثّ في أي وقت تريده.
من جهتهم، أكّد المسؤولون عن القمر الصناعي المصري أن كل القنوات التي أوقفت أخيراً تلقّت إنذارات مسبقة، لكنّها لم تكن معلنة، وهو ما ينصّ عليه بروتوكول التعاون بين «نايل سات» والقنوات التي تبثّ من خلاله. كما أنه لا يتمّ الكشف علناً عن المخالفات التي يرصدها القمر الصناعي.
وبناءً على كل ما سبق، أصدر رئيس مجلس إدارة «الشركة المصرية للأقمار الصناعية ـــ نايل سات» اللواء أحمد أنيس قراراً بإيقاف بثّ 12 قناة مؤقّتاً (من دون تحديد المدة)، وإنذار عشرين قناة أخرى.
وبالتزامن مع هذا القرار، تم إيقاف بثّ قناتي «الحكمة»، و«الرحمة» بحجة عدم تسديد مستحقاتهما المالية التي وصلت إلى 100 ألف دولار. وهو ما نفاه لاحقاً الشيخ محمد حسان أبرز شيوخ السلف في مصر، مؤكداً أنه قد يضطر إلى السفر خارج مصر إذا فشل في إيصال صوته إلى الناس من خلال قناة «الرحمة» التي أسسها قبل ثلاث سنوات بعدما غادر قناة «الناس».
وكانت «الرحمة» قد غيّرت اسمها في الأشهر الأخيرة ليصبح «نسائم الرحمة» بعدما تعرضت لاتهام معاداة السامية وشنّت حملة قوية ضدّها في فرنسا، فما كان منها إلا تغيير اسمها وتردّدها. وبذلك، يكون عدد القنوات التي أغلقت بالفعل أول من أمس 14 قناة بين دينية ومسابقات ودردشة.
وفيما خرجت جريدة «المصريون» الإلكترونية لتؤكد أنّ الهدف من هذه القرارات هو «محاصرة القنوات الإسلامية السلفية ومحاباة القنوات الشيعية»، تضمّنت قائمة القنوات المقفلة واحدة شيعية هي «أهل البيت»، كما تضمنت قائمة المحطات التي جرى توجيه الإنذارات لها قناة «الأنوار» وهي أيضاً من القنوات الشيعية الشهيرة.
من جهته، رفض الداعية المصري صفوت حجازي ما تردد عن أنّ برنامجه على فضائية «الناس» ـــ التي صدر قرار وقف بثّها الأسبوع الماضي (راجع الأخبار عدد ١٤ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٠) ـــ هو سبب الحملة على القنوات الدينية السلفية. وقال إنه سيطلق قناة جديدة إذا استبعد من «الناس» عند عودتها إلى البث. وكان قد تردد أن القناة وافقت على إلغاء برامج صفوت حجازي، وحازم أبو إسماعيل، وخالد عبد الله للسماح لها بالعودة إلى الجمهور من جديد. كما قيل إنه طلب من المحطة الموافقة على بث مسلسلات واستخدام الموسيقى في شارات البرامج، وإدخال العنصر النسائي إلى البرمجة كون «نايل سات» من الأساس لا يسمح ببثّ قنوات دينية على تردداته. بل إن كل هذه المحطات تحصل على التصريح باعتبارها قنوات اجتماعية عامة.

خرجت جريدة «المصريون» لتؤكد أنّ الهدف هو «محاصرة القنوات الإسلاميّة السلفيّة»

ولعل هذه النقطة تحديداً قد أثارت الكثير من التساؤلات حول تجاهل «نايل سات» الطويل لقنوات مثل «الناس» التي أطلقت بثّها بشعار «قناة الناس لكل الناس» قبل أن تغيّره منذ ثلاث سنوات إلى شعار «الناس شاشة تأخذك للجنة». وعلامات الاستفهام نفسها تطرح حول قنوات المسابقات التي تنصُب على المشاهدين يومياً وتسرق أموالهم، وقنوات الدردشة الجنسية التي ظهرت أخيراً، وهي عبارة عن لوحة ثابتة مكتوب عليها أرقام هواتف.
وتضم قائمة القنوات التي صدر قرار بإقفالها أول من أمس ثلاث فئات: الأولى «تتعرّض للأديان السماوية»، و«تروّج للخرافة» وهي «صفا»، و«آيات»، و«أهل البيت»، و«الآثر». أما الفئة الثانية فتروّج «لأساليب علاجية غير مصرح بها» وهي «مرح الخليج»، و«ريحانة»، و«الرقية»، و«عالم حواء». والفئة الثالثة هي قنوات إباحية مثل «إيميل»، و«سترايك»، و«لايف»، و«مرح». فيما لم تخل قائمة القنوات التي وجّهت الإنذارات لها وعددها عشرون من مفاجآت لأنها تضمنت محطتَي «المجد» السعودية صاحبة الجماهيرية على مستوى القنوات الدينية، إلى جانب فضائية «الفجر» المملوكة أيضاً لرجل أعمال سعودي وتبثّ من القاهرة.


فرفش مع «سترايك»!

من المفارقات التي كشفها «نايل سات» أن قناتَي «سترايك»، و«لايف» اللتين تبثان برامج مسابقات على الهواء مباشرة مملوكتان لشركة واحدة هي «الأولى للإعلام» رغم أن المحطتين تبثان المضمون نفسه. أما مالك هذه الشركة فهو فضل القاسم شقيق المغني مجد القاسم (الصورة) الذي كان قد أعلن الأسبوع الماضي استعداده لتحويل «سترايك» إلى شاشة درامية منوّعة، قبل أن يفاجأ بقرار الإغلاق. وتعدّ «سترايك» من أشهر الفضائيات التي تعتمد على النساء لجذب المشاهدين ودفعهم إلى المشاركة في المسابقات، إلى جانب محطات «سهم» و«الإمارة» اللتين وجّهت إنذارات لهما.