سناء الخوري
على غلاف الرواية الفائزة بجائزة «بوكر» لهذا العام، قبعة، ومعطف وكوفية. «مسألة فينكلر» The Finkler Question (دار «بلومسبيري») ، جعلت الروائي البريطاني هوارد جاكوبسون Howard Jacobson (68 عاماً) يحقق حلمه القديم. هذا الأديب والصحافي والأستاذ الجامعي، كان قد بلغ اللائحة الطويلة للجائزة المرموقة عامي 2002 و2006. ومنذ ذلك الحين، بقي النقاد ينظرون إليه بصفته «الفائز المؤجل».
هكذا ابتعدت «بوكر» عن الشباب، لتكرّم أحد الأدباء المكرسين، بعدما كانت الترشيحات ترجّح فوز رواية C لتوم ماكارثي (41 عاماً). ومن بين الروايات الست التي بلغت التصفية النهائيّة، اختارت لجنة «بوكر» أوّل من أمس، منح جائزتها المرموقة (خمسين ألف جنيه استرليني) لرواية ذات طابع كوميدي ساخر، محورها إشكالية مكرورة: «ما معنى أن تكون يهودياً اليوم؟».

«مسألة فينكلر» هي العمل الروائي الحادي عشر في مسيرة جاكوبسون، المعروف بميله الصهيوني الليبرالي. صاحب عمود الرأي الأسبوعي في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، يخصِّص معظم كتاباته للتنظير لليهوديّة والهوية المعاصرة للفرد اليهودي. لا يقيم الرجل أي فرق بين معاداة السامية كمبدأ عنصري يحاربه كثيرون، ومعاداة الصهيونيّة كموقف سياسي وأخلاقي محقّ.
وفي سياق مواقفه المناهضة للحركات المقاطِعة لإسرائيل، يشرح الرجل في حديث لموقع جائزة «بوكر» أنّ فكرة روايته «مسألة فينكلر»، جاءت من خلفيّة قلق يسكنه من أنّ «معاداة اليهوديةanti - Jewishness تبدو بالنسبة إلى يهود كثر نتيجة حتميّة لمعاداة الصهيونيّة». يكتب جاكوبسون هذا القلق الوجودي، في سياق كوميدي متين. القيمة الأدبية لروايته لن تكون محط جدل، وخصوصاً أنّها المرة الأولى التي تحتفي فيها «بوكر» بعمل فكاهي. «مسألة فينكلر» عمل مثقل بالأفكار، لكن بقالب كوميدي، يسبّب الضحك الحتمي. رواية عن الحب، والفقد، والصداقة، وصفها رئيس لجنة التحكيم أندرو موشن بالذكية والمتقنة والمضحكة والحزينة في آن.
أبطال روايته موزعون بين يهودي وغير يهودي، أو هكذا يصنّفهم الكاتب على الأقل. في منزل لندني، يلتقي أصدقاء ثلاثة: جوليان ترسلوف، منتج تلفزيوني مغمور، وصديقه اللدود من مقاعد الدراسة سام فينكلر، وهو فيلسوف يهودي شهير، إضافةً إلى أستاذهما التشكيي اليهودي ليبور سيفيك. مأساة إنسانية تجمع بين فينكلر وسيفيك اللذين أصبحا أرملين قبل فترة وجيزة. كل واحد منهما يتعامل مع الفقد بطريقة مختلفة... لكنّ «ثقل الهوية اليهوديّة ويوميات الإقصاء» يطغيان على أي هاجس آخر.

لقد تم تعديل هذا المقال عن نسخته الأصلية يوم الخميس ١٤ تشرين الأول ٢٠١٠