يبدو جميع المشاركين في «جنوب السماء» متحمّسين للعمل، وخصوصاً الممثلتان السوريتان اللتان أكدتا أهمية المشاركة في شريط يروي مأساة أهالي الجنوب اللبناني
كامل جابر
منذ انطلاق الحديث عن مشروع «جنوب السماء»، أثيرت الضجة حول الفيلم، وخصوصاً بعدما تردّد أنه سيكون من أضخم الأعمال التي صوّرت في لبنان. الشريط الذي تنتجه «ريحانة غروب» بالاشتراك مع مؤسسة «فدك» الإيرانية «ستتراوح كلفته بين مليون ونصف مليون دولار، ومليونين» يقول مساعد المخرج الإيراني أمير شهاب إسماعيلي. ويرى فريق العمل أنه إضافة إلى ميزانيته الكبيرة، فإنّ عدد العاملين يؤكّد ضخامة الفيلم. إذ يتكوّن فريق التصوير من مجموعة مصورين إيرانيين متخصصين. كذلك إن اسم المخرج وحده قد يكون كفيلاً بضمان نجاح العمل بالنسبة إلى البعض، وخصوصاً أن جمال شورجه قد اشتهر بأعماله السينمائية التي تناولت الحرب الإيرانية ـــــ العراقية.
وكانت الأسابيع الأخيرة قد شهدت تغييرات عدّة في موقع التصوير، فتأخّر الانتهاء من الفيلم بسبب بعض الصعوبات اللوجستية، وانسحبت الممثلة المصرية حنان ترك في اللحظة الأخيرة من العمل (راجع الكادر ص 18)، لتحلّ مكانها الممثلة السورية نسرين طافش. ولم يكن اختيار طافش مستغرباً، فهذه الممثلة المولودة لأب فلسطيني وأم جزائرية، متعمّقة في تاريخ الثورات العربية، وخصوصاً النضال الفلسطيني والثورة الجزائرية.
«قضية الفيلم نبيلة جداً، لذلك جئت للعمل مع فريق إيراني مهم، وكان هذا الشريط فرصة للعمل في مجال السينما بطريقة راقية وقوية وعريقة ومحترفة» تقول طافش لـ«الأخبار». وعن أولى تجاربها السينمائية، تقول طافش: «أرسلوا لي النص إلى الشام، وعندما قرأته أحببت الفكرة، والدور، وكان الاتفاق بيني وبين الشركة المنتجة».
يشارك في الفيلم أكثر من ثلاثة آلاف شخص من سكان الجنوب والمخيمات الفلسطينية
وتتحدث عن دور حنان الذي تجسّده في الفيلم، فتقول: «حنان امرأة حامل وزوجها أحد قادة «حزب الله». وتكون خائفة طوال فترة الحمل من الإجهاض. ببساطة، إنّ الطفل في هذا الشريط يجسّد الأمل بالنصر والحرية، وعودة حقوق الشعب العربي فعلياً». وتضيف أنها كامرأة فلسطينية وجدت أن الهم الفلسطيني واللبناني واحد، وكذلك هو الجرح والألم «لذلك لم أتردد لحظة في المشاركة في الفيلم».
من جهة أخرى، تشارك في العمل الممثلة السورية كندة علوش التي حققت نجاحاً كبيراً في رمضان الماضي من خلال المسلسل المصري «أهل كايرو». تؤدي علوش في «جنوب السماء» دور نسرين، الفتاة الجنوبية التي تحلم بالزواج من حبيبها يوسف بعدما تأجّل زفافهما أكثر من مرة بسبب الأوضاع الأمنية في الجنوب. ويبدأ الفيلم بيوم عرسها... لكن الحرب تأتي لتغيّر مخططاتها مجدداً.
أما عن موضوع اللهجة الجنوبية، فتؤكّد علوش أنّها حاولت إتقانها بأفضل شكل ممكن، قائلة: «غالباً ما أشعر بأن موضوع اللهجة في أي عمل أقوم به هو تحدٍّ جديد وهو جزء من متعة التمثيل. لقد ساعدني بعض أبناء الجنوب على إتقان اللهجة، وبقيت في المنطقة لأتعلّم من أهلها، من خلال رصد طريقة تكلّمهم. وحاولت الانتباه إلى أوجه الاختلاف بين اللهجة الجنوبية وتلك البيروتية التي تصلنا إلى الشام. وعند عرض الفيلم، سيكتشف الجمهور إن كنت قد نجحت في مهمتي أو أخفقت».
لا تخفي علوش فرحتها بالمشاركة في هذا الفيلم الضخم. تقول: «عندنا إنتاج درامي كبير، إذ ننتج أكثر من ثلاثين أو أربعين مسلسلاً في السنة، لكنّنا لا نرى إنتاجاً سينمائياً جيداً. رغم ذلك، أرى أنني من المحظوظات على الصعيد السينمائي. خلال خمس سنوات من التمثيل، شاركت في ستة أفلام. وبعد هذه التجربة، سأشارك في الفيلم السابع في مصر». وتعدّد علوش بعض الأفلام السابقة التي ظهرت فيها، وهي: الفيلم الإيراني «الغرباء» الذي صور العام الماضي في سوريا، وفيلم «مرة أخرى» مع جود سعيد الذي يحكي عن العلاقات السورية اللبنانية، وسيشارك في «مهرجان أبو ظبي»، وفيلم «أولاد العم» المصري مع شريف عرفة، وتقول: «أجد متعة في الفن السابع وفي اكتشاف الفروق بين العمل التلفزيوني والسينمائي».
وإلى جانب المجموعة الكبيرة من النجوم المشاركة في العمل، يطلّ نحو ثلاثة آلاف مواطن من الجنوب والمخيمات الفلسطينية. ولأن هؤلاء عايشوا فترات العدوان والتهجير ومرارتهما، لم يجد القيمون على الفيلم صعوبة في تلقينهم الأدوار التي يجب أن يجسّدوها.
ويذكر أن المشاهد قد صورت في مدرسة رسمية في بلدة برج رحال قرب مدينة صور، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية إسرائيلية رفع عليها العلم الإسرائيلي وانتشر فيها ممثلون بملابس عسكرية إسرائيلية. وقد أثار هذا المشهد حفيظة أبناء المنطقة الذين هالهم رفع علم إسرائيلي في إحدى مدارسهم، لكنهم سرعان ما أبدوا ارتياحهم، حين اقتحم المقاومون الثكنة ودمّروها وقتلوا مَن فيها!