عكّا ــ رشا حلوةاختتم أخيراً «مهرجان إسرائيل الأخرى للأفلام» الذي خصّص دورته لعرض أفلام ما سمّاه «الأقليات» في إسرائيل، بمن فيهم الفلسطينيون من أهالي الأراضي المحتلة عام 1948. وكانت «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» PACBI قد أصدرت بياناً يطالب بمقاطعة هذا المهرجان الذي تأسّس، وفق النص التعريفي المنشور على موقعه، «ليكون أداةً للتغيير الثقافي والاجتماعي، ويعطي نظرة قاطبة عن طبيعة إسرائيل كدولة ديموقراطية، وعن الظروف المعقدة لحياة الأقليات التي تعيش في الدولة اليهودية».
أهداف المهرجان المعلنة إذاً، إبراز وجه «إيجابي» لإسرائيل، من دون تسليط أي نظرة نقديّة إلى الكيان العنصري الغاصب. كأنّها منصة للضحيّة كي تعبّر عن نفسها، ما يعطي وجهاً ألطف وأكثر احتمالاً لاستلابها واضطهادها. ذلك هو «هامش الديموقراطية» المزعوم في دولة الاحتلال. وهذا هو الخطاب التفريغي الذي لا تملك سواه النخبة التقدميّة الإسرائيليّة في معظمها: الهرب من مواجهة حقيقة الاستعمار الاستيطاني الذي يعيشه الفلسطينيون ـــــ وخصوصاً من بقوا في الداخل ـــــ منذ 62 عاماً، وإخراج الصراع من سياقه التاريخي الفعلي.
عمر البرغوثي، أحد مؤسسي «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» (PACBI)، يرى أنّ «ما سُمّي «مهرجان إسرائيل الأخرى للأفلام» يصبُّ في خدمة أهداف حملة تلميع صورة إسرائيل، المعروفة بالإنكليزية بـBrand Israel. وهذه الحملة أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 2005، وضاعفت تمويلها بعد العدوان على لبنان في تموز 2006، وفُعّلت أكثر بعد العدوان على قطاع غزة المحتل والمحاصر في نهاية 2008 وأوائل 2009». وبحسب البرغوثي، فإنّ هدف هذه الحملة الدعائية هو إبراز إنجازات إسرائيل الثقافية والعلمية، وتحويل الأنظار عن جرائمها وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي.

حملة تلميع صورة إسرائيل المعروفة بـ Brand Israel
ورغم أنّ Other Israel Film Festival، لا يلقى دعماً مادياً من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، إلا أنّه يتعاون مباشرة مع مؤسسات صهيونية لها باع طويل في الحركة الصهيونية ومحاولات تغطية جرائم إسرائيل. يكفي أنّ بيانه التعريفيّ يتحدّث عن إسرائيل كدولة «يهودية وديموقراطية» تعاني بعض المشاكل مع الأقلية القومية! «واجهة المهرجان هي واجهة ناقدة لبعض ممارسات إسرائيل ضد «الأقليات» فيها. كأنّه محاولة لإعطاء الصوت الآخر منصة للتعبير من خلال الفيلم. وهذا من دون شك أسلوب دعائي ذكي ضمن حملة «براند إسرائيل»»، يلفت البرغوثي. ويضيف «المهرجان يريد إظهار الصورة «الأخرى» التي تحتوي على الفنّ والأدب والمرح، فتبدو إسرائيل مستنيرة عصرية وديموقراطية، تعاني تحديات مع أقلياتها، كتلك التي تعانيها دول غربية عديدة مع الأقليات والمهاجرين». تأتي رسالة PACBI بعد حملة خاضتها خلال الأشهر الماضية لإقناع نجوم عالميين بإلغاء مشاركاتهم في مهرجانات وعروض إسرائيلية. وكان من بينهم كارلوس سانتانا، وإلفيس كوستيللو، والمخرج البريطاني الشهير مايك لي، وقبله رائد الموجة الفرنسيّة الجديدة جان لوك غودار...