الإسكندريّة ــ سيد محمودرحّب واسيني الأعرج بفكرة إصدار مؤلفاته الكاملة في طبعات شعبية في مصر. صدر هذا الموقف عن الروائي الجزائري، في معرض رده على مداخلة أحد الحضور خلال لقاء معه، قبل أربعة أيّام، بدعوة من «مختبر السرديات» في مكتبة الإسكندرية. وإضافة إلى وزن الروائي المذكور، يكتسي الحدث أهميّة خاصة، لكونها الإطلالة الأولى لكاتب جزائري في مصر، منذ التوتر المضحك ـــ المبكي الذي شاب العلاقة بين البلدين على خلفيّة مباراة كرة القدم، ولم يسلم منه المثقفون في بعض الأحيان. لاقت الندوة إقبالاً لافتاً، وحضرتها نخبة من مثقفي الإسكندرية، على رأسهم الروائي إبراهيم عبد المجيد، علماً بأنّها المرة الأولى التي يستضيف فيها مختبر السرديات كاتباً غير مصري لمناقشة أعماله مع الجمهور. وقد بدا ذلك بمثابة مبادرة لتحسين العلاقات الثقافية بين مصر والجزائر. وهي مبادرة سبقتها أخرى تمثلت بإطلاق حملة مصرية لإهداء أربعة آلاف كتاب للمكتبات الجزائرية، احتجاجاً على عدم مشاركة الدور المصرية في معرض الجزائر للكتاب.
أحد الحاضرين دعا المسؤولين في مصر إلى طباعة أعمال الأعرج التي لا تتوافر في السوق المصرية.
التقى الكاتب الجزائري بالجمهور الإسكندري، في المكتبة الشهيرة
بدوره، رحّب صاحب «ذاكرة الماء» بالاقتراح الذي لقي استجابة فورية من نائب رئيس هيئة الكتاب المصرية حلمي النمنم الذي كان بين الحضور. وعرض صاحب «سيدة المقام» أمام الجمهور الإسكندري، تجربة جيله من الكتّاب الجزائريين الذين نشأوا في أوساط فرنكوفونية تحتقر اللغة العربية، رغم معاصرة هذا الجيل لبدايات مرحلة الاستقلال الوطني. وتطرق صاحب «أنثى السراب» إلى سيرته الذاتية منذ نشأته حتى توجّهه الى دمشق لدراسة اللغة العربية. وقال «بينما كان رفاقي يتوجهون إلى أوروبا، فضلت التوجه الى دمشق حيث تأكدت عروبتي».
ومن بين كتبه ومؤلفاته التي بلغت 16، أفرد الأعرج معظم وقت المحاضرة للحديث عن روايته «كتاب الأمير» الذي نشرته «دار الآداب» البيروتية عام 2005، لافتاً الى أنه من أكثر أعماله رواجاً لأنه تناول جوانب إنسانية في حياة المجاهد الجزائري الأمير عبد القادر. وقال الأعرج «كتبت هذه الرواية رداً على كتاب «صدام الحضارات» لصموئيل هنتغتون. في سيرة الأمير عبد القادر التي عكفت على قراءتها لسنوات من مصادر ووثائق مختلفة، لفتتني تلك العلاقة التي جمعته بالقس الفرنسي مونسينيور ديبوشي. ورأيتها نموذجاً نادراً للحوار الإنساني الفعال. هذا القسّ ظل يدافع عن الأمير وكرّس حياته لتبرئته، ونجح في إخراجه من سجنه في قصر «أمبواز» في فرنسا». ولفت الى أنّ الصورة الإنسانية للأمير أرضت شغف القراء وأزعجت الأجهزة الرسمية التي «ساءها أن يهبط الأمير من منزلته الأسطورية ليبدو أكثر إنسانية».
وأكّد الأعرج أنه لا يكتب تاريخاً في روايته، بل يستند الى المادة التاريخية الخام ليعيد النظر فيها. وقال: «كتبت عن لحظات منسيّة في التاريخ، لكن ضمن أفق روائي يغري القارئ ويثير شكوكه».