لندن ـــ ضحى فرحاتعلى خطى رولاند إميريخ في فيلمه «2012» الذي شغل العالم بفرضيات اندثار الحياة على الأرض، وتهديد الجنس البشري في حال تجاهل الكوارث البيئية، وازدياد الاحتباس الحراري، أطلّ فيلم جديد لينبئ بـ«كارثة» جديدة ونهاية محتّمة لدولة «وجودها مهدّد كل يوم». في «2048»، لن يشهد العالم أي وجود لإسرائيل، وما سيبقى من حلم هرتزل المشؤوم، مجرد تذكارات في متجر في فلسطين، ووثائق يعلوها الغبار في برلين، ومقابر مندثرة هنا وهناك. يحاول المخرج الإسرائيلي يارون كفتوري في «2048» الذي عرض أخيراً ضمن «مهرجان القدس السينمائي»، تخيّل زوال إسرائيل من خلال قصة مخرج إسرائيلي مغمور يُدعى يويو نيتزر يجول العالم في عام 2048 ليقابل إسرائيليي الشتات بعدما دمّرت إسرائيل نفسها ذاتياً. ويأتي فيلم يويو ليستكمل شريطاً وثائقياً كان قد بدأه جدّه منذ أربعين عاماً أي عام 2008 في الذكرى الستين لتأسيس الكيان العبري. هكذا، يقابل المخرج أبطاله ليرووا له شعورهم بعد زوال دولتهم، وما بقي لهم في هذه الحياة. في هذه المشاهد، لم يبق من إسرائيل سوى قلة من الناس تروي قصصها بالعبرية و«اليديش»، اللغة التي يتقنها اليهود الأشكيناز. تتنقل الكاميرا مع انتقال المخرج من مكان إلى آخر، ليصوّر آخر الرموز الباقية من تلك الحقبة. مقابر تشهد على وجودهم في ما مضى، وبعض الجرار الفخارية التي تحتفظ برماد موتاهم، وقسم مهجور للدراسات الصهيونيّة في مكتبة برلين، ومتجر لبيع التذكارات في فلسطين.

الكيان الصهيوني القائم على المجزرة تحلل من الداخل في «2048»
يظهر الفيلم إسرائيل دولة محتلّة، وكياناً غاصباً، قائماً على ارتكاب المجازر يومياً، وزرع «الموساد» في دول العالم، ونشاطها في الاغتيال المنظّم وتوزيع الأسلحة. ويخلص إلى أن انتهاء «الدولة اليهودية» يعود لأسباب داخلية بحتة، وأن هناك سرطاناً ينهش إسرائيل من الداخل رويداً رويداً. وهو بذلك، يشير إلى الفساد لدى الطبقة السياسية الحاكمة، والنزاع الطائفي ـــــ العلماني، والمعاملة السيئة للعمال الأجانب، والجريمة المنظمة وهذه أسباب كافية لتدميرها ذاتياً.
الفيلم أثار موجة احتجاج لدى اليهود بمختلف انتماءاتهم. إذ رأى كفتوري ـــــ وهو أشكنازي الأصل ـــــ أن العبرية واليديشية هما اللغتان الرسميتان الوحيدتان للدولة الصهيونية. و«اليديش»، يتحدثها اليهود الأشكنازيون، ذوو الأصول الألمانية تحديداً، الأوروبيّة عامة، فيما يتجاهل الفيلم اللغات الأخرى، خصوصاً الـ«لادينو» التي يتقنها اليهود المهاجرون من إسبانيا وجنوب أميركا. ينتهي «2048» بعبارة تحذيرية: «إذا شئت، فإنه قد يحصل». وهو يحفّز المشاهدين على ضرورة تغيير الوضع القائم داخل الكيان الغاصب. وإلّا فإنّ الوضع الداخلي المتأزّم، قد يؤدّي إلى تسريع انهيار دولتهم.