بدأ تأثيره في الشارع المصري مع عبد الناصر، وتعاظمَ منذ حقبة السادات وصولاً إلى اليوم. لكنّ الفيلم عن حياة «الفاجومي» الذي انطلق تصويره الثلاثاء، سيقف قبل عهد مبارك. عجبي!
محمد عبد الرحمن
اللافت في فيلم «الفاجومي» الذي يروي سيرة الشاعر الشهير أحمد فؤاد نجم، ليس فقط أنه ينتهي في عام 1977 تزامناً مع الانتفاضة الشعبية التي أزعجت الرئيس السادات كثيراً، بل أيضاً لأنّ الشريط الذي يحمل عنوان مذكّرات «الشاعر المشاغب» لن يخرج إلى الجمهور بأسماء أبطاله الحقيقية. خالد الصاوي سيظهر في العمل تحت اسم «آدم نسر» بينما يطل صلاح عبد الله في شخصية «الشيخ همام» بدلاً من الشيخ إمام. أما الفنانة عزة بلبع التي تزوجت «الفاجومي» في السبعينيات فتجسدها فرح يوسف تحت اسم «منة مراد». وهو الأمر الذي برره مؤلف الفيلم ومخرجه عصام الشماع بالرغبة في الابتعاد عن أي ملاحقة قانونية من أسر الشخصيات التي يتناولها العمل. صحيح أنّ الشاعر محور الأحداث بارك الخطوة، وحضر المؤتمر الصحافي الذي أقيم أول من أمس للإعلان عن العمل، إلا أنّ الشخصيات الأخرى التي ما زالت على قيد الحياة أو ورثتها، قد تطالب بالاطلاع على السيناريو، وغير ذلك من حقوق. وهو الأمر الذي دفع عصام الشماع إلى تغيير أسماء الشخصيات الرئيسية، على أساس أن الجمهور يعرف جيداً عمن يدور الفيلم. كما أننا نلاحظ غياب أي شبه بين الممثلين والشخصيات التي يجسّدونها. العمل يقدم سيرة الشاعر لا مسلسل سيرة ذاتية يجب أن يكون البطل فيه مطابقاً للشخصية الأصلية.
وكان نجم قد وصف مخرج الفيلم بأنه «شخص مجنون» بعدما أبلغه حماسته بتحويل مذكراته إلى شريط سينمائي. وأكّد الشاعر الملقّب بـ«الفاجومي» أنّه لن يتدخل في السيناريو، ولن يتابع تصوير الفيلم، وأن حقائق حياته متاحة للجميع، وأعلنها من قبل، وتعيش في ذاكرة الجمهور. فيما أكد خالد الصاوي أنّه تعرّف إلى نجم والشيخ إمام منذ كان في الحادية عشرة، وأنّ مشروعهما الفني السياسي غيّر وجهة حياته في فترة مبكرة، وما زال إلى اليوم يعتنق الأفكار التي آمنا بها. وأشار إلى أن أهمية الفيلم في هذه المرحلة ليست في تكريم نجم، بل في إعطاء الجيل الحالي نموذجاً إيجابياً لشخصية مصرية أصيلة، نجحت في الصمود ضد المتغيرات والعواصف السياسية، وتمسكت بمواقفها طوال ستين عاماً.
الفيلم الذي يرصد العلاقة الوطيدة بين الشيخ إمام والفاجومي لن يتطرق بالطبع للخلاف الشهير بين الرجلين في منتصف الثمانينيات، لكون الأحداث لن تصل إلى عهد الرئيس مبارك. لكن مخرج الشريط نفى أن يكون قرار توقف الفيلم عند عام 1977 ذا بعد سياسي. فهو يرى أن ذروة الأحداث الدرامية تنتهي عند هذه المرحلة.
وأعرب صلاح عبد الله عن سعادته بتقديم شخصية الشيخ إمام للمرة الأولى في عمل درامي، وهو الملحن صاحب الإسهامات البارزة في الموسيقى الشرقية خلال القرن الماضي، لكنه لم يأخذ حقه من الشهرة بسبب الطابع السياسي للأغنيات التي قدمها طوال حياته. أما فرح يوسف، فأكدت أن الفيلم فرصة للتوسّع في قراءة أحوال مصر خلال السبعينيات، وأنّ مسيرة الفنانة عزة بلبع تشرّف أي ممثل يؤديها، لكونها تركت عائلتها الأرستقراطية واختارت الانحياز للبسطاء. وهي لا تزال حتى اليوم تقدم أغنيات نجم وإمام من خلال فرقة «عفاريت الشيخ إمام»، وتؤكّد حضورها في كل المناسبات الوطنية.

خالد الصاوي سيجسّد شخصيّة الشاعر، فيما يؤدّي صلاح عبد الله دور الشيخ إمام
ولم توضح أسرة العمل لماذا استبعدت من الشريط شخصية صافيناز كاظم، زوجة نجم الأولى التي كانت قد صرّحت الفنانة رانيا يوسف أنها ستجسدها، في وقت سابق. وقد انضمّت جيهان فاضل إلى أسرة الفيلم، لتقدم شخصية «أم أمال» وهي سيدة تجتمع بها كل السيدات اللواتي عرفهن «الفاجومي» في مرحلة الستينيات وما قبلها. وأشارت إلى أنها تقدم للمرة الأولى شخصية شعبية، لكنها واثقة من قدرتها على تجاوز التحدي. وعلى المنوال نفسه، لم يُكشف عن الشخصية التي تؤديها السورية كندة علوش في ثاني ظهور لها في السينما المصرية بعد «أولاد العم». كما لم يُفصح عن سبب عدم حضور علوش المؤتمر. أما أغنيات الفيلم فسيؤديها صلاح عبد الله، وهناك أغنيات سيؤديها كورال من طلاب الجامعة. بينما يجري التفاوض مع الفنان محمد منير لتأدية مجموعة أخرى من هذه الأغنيات.
واللافت في هذا المشروع أنّه ـــــ على ضخامته ـــــ الإنتاج الأول لحسين علي ماهر، وهو مصري مقيم في هولندا منذ 35 عاماً، تعرّف الأخير إلى الفاجومي من خلال شقيقه الممثل ياسر علي ماهر الذي كان يرسل له أشرطة الشيخ إمام قبل أن يتحوّل حلم الاقتراب من نجم إلى حقيقة... وتتولّى شركة حسين علي ماهر إنتاج هذا الفيلم، بصفته باكورة نشاطها الفني في هوليوود
الشرق.


6 آلاف دولار