تركيا وهيفاء وهبي على منصّة الشرفدمشق ــ خليل صويلح
جرياً على عادته، يضخّ «مهرجان دمشق الدولي السينمائي» حشداً من الأفلام، في صالات كانت تشكو الخواء طوال العام. في دورته الثامنة عشرة التي انطلقت أمس، تصل الأفلام المشاركة إلى نحو 220 فيلماً من 45 دولة. لا يهمّ هنا إن قُدِّمت هذه الأعمال بنسخ رقميّة، أم شُحِنت أشرطتها خصيصاً للمهرجان. وليس شرطاً أيضاً أن تكون أفلام المسابقة الرسمية غير معروضة في مهرجانات أخرى، طالما أن صفة الحدث الدولية، غير معترف بها حتى الساعة. باختصار، يواجه المهرجان الدمشقي، مأزق منافسة المهرجانات العربيّة الأخرى له، لجهة الميزانيات الضخمة، ما يقوده إلى إعلان صبغة «ثقافية أولاً»، باعتبارها ميزة غير متوافرة لدى بعض المنافسينعروض الأفلام انطلقت أمس إذاً في «دار الأوبرا» (راجع الإطار أدناه)، مع الفيلم التركي «عسل» للسينمائي سميح قبلان أوغلو Semih Kaplanoğlu (الدب الذهبي في «مهرجان برلين» الأخير). حتّى 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، ستتوالى الأفلام موزّعة على تظاهرات عدّة، في برنامج لا يخلو من الإشارات السياسية، خصوصاً أن تركيا هي «ضيفة شرف». في «عسل» يستكمل قبلان أوغلو ثلاثية يوسف التي افتتحها بفيلم «بيض» (2007)، ثم «حليب» (2008). يقتفي المخرج حياة عائلة من شمال الأناضول، تعمل في تربية النحل، من خلال سيرة طفل انطوائي يجد نفسه وحيداً في رحلة وسط الغابات.
في المسابقة الرسميّة، حضور آسيوي ملفت. فإلى جانب الفيلم الصيني «كونفوشيوس» للسينمائية هو مي، والإيراني «يرجى عدم الإزعاج» لمحسن عبد الوهاب، والتركي «كوزموس» لريها إيردم، سيشهد حفل الختام عرضاً لتحفة المخرج التايلندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول «العم بوني يتذكّر حيواته السابقة» (السعفة الذهبية في «مهرجان كان» الأخير).
أما البلد المضيف، فيحضر في المسابقة الرسميّة بفيلمين. «حرّاس الصمت» لسمير ذكرى (إنتاج المؤسسة العامة للسينما)، وهو مأخوذ عن رواية غادة السمّان «الرواية المستحيلة: فسيفساء دمشقية» في أول اقتباس سينمائي لأعمال الروائية السورية المعروفة. العمل تخيّم عليه السيرة الذاتية، إذ يستعيد حكاية كاتبة متمرّدة تخترق المحرمات في دمشق الخمسينيات عبر أصوات متعددة. أما الشريط الثاني فهو «مطر أيلول» لعبد اللطيف عبد الحميد (إنتاج ريل فيلمز)، وهو كوميديا عن أعراض حب لا شفاء منه، تصيب عائلة كاملة، وتنتهي بشجن مفاجئ... لا شكّ أن المنافسة سوف تكون قوية بين فيلمي المسابقة، فمن المتوقع أن يحظى أحدهما بجائزة رئيسية من جوائز المهرجان: إنّها هدية لجنة التحكيم للدولة المُضيفة، كما جرت العادة (!).
وفي حين يغيب لبنان وفلسطين والعراق عن مسابقة الأفلام الطويلة، تحضر مصر بفيلم متواضع هو «الوتر» لمجدي الهواري. خلطة مصرية عن مقتل موزّع موسيقي، واتهام عازفة كمان بالجريمة. الحضور الخليجي، يتمثّل بفيلمي «ثوب الشمس» للإماراتي سعيد سالمين المري، و«عقارب الساعة» للقطري خليفة المريخي. يعالج الأول مشكلات العنوسة ومعاناة المرأة في الخليج، ويستدعي الثاني أسطورة محلية من حقبة الثلاثينيات... فيما يطرح الفيلم التونسي «آخر ديسمبر» لمعز كمون، العلاقة الملتبسة بين الريف والمدينة من جهة، والعلاقة مع الآخر من جهة ثانية. ولعل شريط الجزائري رشيد بوشارب «خارجون عن القانون»، سيكون أكثر هذه الأفلام إثارة للجدل.

فيلمان سوريّان في المسابقة: «حرّاس الصمت» (سمير ذكرى) و«مطر أيلول» (عبد اللطيف عبد الحميد)

أمام لجنة التحكيم التي يرأسها السينمائي الروسي الشهير فلاديمير مينشوف، أفلام أخرى، أبرزها «إذا أردتُ التصفير، سأفعل» لفلورين سيرنان (رومانيا)، و«حياتنا» لدانييل لوشيتي (ايطاليا)، و«كيف أمضيت هذا الصيف» لأليكسي بوبوغريسكي (روسيا)، و«لا تتخلَّ عنّي» لمارك رومانك (الولايات المتحدة). وبعيداً عن الاحداث (شبه) الراهنة، فإن هواة السينما على موعد مع تظاهرات بالجملة: أفلام السينمائي الفرنسي الراحل إيريك رومير، والأميركيين أورسون ويلز ودايفيد لينش، والبولوني رومان بولانسكي، والبريطاني ريدلي سكوت، والبوسني إمير كوستوريتسا، إضافةً إلى النجم الاميركي الراحل مارلون براندو...
لكنّ أهم هذه المواعيد ستكون «تظاهرة البرنامج الرسمي»، وعلى روزنامتها 20 فيلماً حازت جميعها على جوائز عالمية رفيعة، إضافةً إلى أحدث أعمال كبار المخرجين العالميين. هكذا سيشاهد الجمهور السوري جديد السينمائي التركي الألماني فاتح أكين Soul Kitchen، و«عام آخر» للسينمائي البريطاني مايك لي، وBiutiful (جميل) للمخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليز إيناريتو، وآخرين... كما تتنافس مجموعة كبيرة من الأفلام في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة. ونلاحظ حضور سوري كثيف لأسماء تقف وراء الكاميرا للمرة الأولى، منها نيفين الحرك في «الفصول الأربعة»، وعبد الله الأصيل في «الاعتراف»، ورياض مقدسي في «أنفلونزا»، ونائل تركماني في «الجوانية»، وإياس جعفر في «شطرنج»...


حتى 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي.
www.damascusfest.com