شبّه الصراع مع «القوّات» بالخلافات الرحبانيّةليال حداد
منذ صدور القرار الظني بشأن ملكية «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، كثرت السيناريوهات التي حاولت توقّع مستقبل المحطة: تنتقل إدارة القناة إلى «القوات اللبنانية»... أو يتسلم الحزب مديرية الأخبار والبرامج السياسية، ويبقى بيار الضاهر على رأس مجلس الإدارة ومشرفاً على البرامج الترفيهية... لكن يبدو أن الضاهر نفسه غير معني بهذه التوقعات، فالحقيقة واحدة بالنسبة إليه: lbc أقوى من كل الأطراف المتنازعة.
يتحدّث الضاهر عن مشاريعه المستقبلية، وعن خطط تطوير «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، كأن الصراع الدائر حول ملكيتها شبه محسوم. ويلفت إلى أن النزاع القضائي لم يمنع فريق العمل المشرف على القناة من إطلاق دورة برامج جديدة. أما الوثائق التي أظهرها جورج عدوان في مقابلته الشهيرة على mtv، فليست، حسب رئيس مجلس إدارة lbc، سوى جزء من الحقيقة: «حصلت مراسلات بيننا وبينه، واختار هو إظهار الوثائق التي أرسلها إلينا وتحتوي على وجهة نظر «القوات» من القضية، متجاهلاً ردّنا عليها»، يقول الضاهر لـ«الأخبار». ويؤكّد أن تعاطي القضاء مع ملف النزاع بينه وبين «القوات» كان استنسابياً: «طلب القاضي الاطلاع على الشيك الذي دفعته لسمير جعجع ثمناً للمحطة. وعبثاً حاولت إخباره أنّ الشيك هو باسم الصندوق الوطني (التابع للقوات وقتها)، ولا يمكن أن يكون باسم جعجع، وطلبت منه أن يضع مدقّقاً مالياً للتأكد، لكن ذلك لم يحصل». وماذا عن مصير باقي الشركات التابعة لـlbc التي شملها القرار الظني؟ يبتسم مؤكداً أنّ «القوات» تعرف أن لديه كل الوثائق التي تثبت ملكيته للمحطة، ويعد بوثائق جديدة في الجلسات المقبلة، ويضيف بشيء من التحدّي: «أحلم بأن تكون المحاكمة بيننا علنية». لكن هل صحيح أنّ الضاهر بدأ بالإعداد لإطلاق قناته الخاصة؟ يجيب سريعاً: «ليست هناك فكرة إطلاق أي قناة بديلة حالياً». وإن كان الضاهر لا يفكّر في المرحلة المقبلة، فلا شكّ في أن المشهد الإعلامي بعد المحاكمة لن يكون كما قبله. إذ في حال فوز «القوات» بملكية المحطة، فهل ستتحوّل هذه الأخيرة إلى ناطق آخر باسم اليمين المسيحي المتطرّف، إلى جانب mtv؟ وهل يحتمل المشهد ذلك؟ «المجتمع قد يحتمل أكثر من قناة متطرّفة... لكن المشهد الإعلامي حينذاك لن يكون بخير». طبعاً يبدو حديث الضاهر مثالياً، وخصوصاً أن القناة التي أدارها منذ تأسيسها عام 1985 كوّنت شعبيّتها الأولى بناءً على خطاب طائفي ومناطقي، وهو ما لا ينفيه «الشيخ بيار». لكنّه يؤكّد أنّه منذ 1991 حتى 2005 عملت المحطة على الخروج من قوقعتها، واستطاعت الوصول إلى أكبر شريحة من اللبنانيين.
لكن قبل خمس سنوات تغيّرت الصورة. خرج سمير جعجع من سجنه، وظنّ الكثير من القواتيين أن القناة ستعود إلى سابق عهدها، «قناة ميليشياوية، وهو ما يريده جعجع اليوم، أن يأخذ المحطة ليصنع منها مؤسسة على صورته». لكن ذلك لم يحصل. توترّت العلاقة بين الضاهر وجعجع، ودخل الطرفان أروقة المحاكم. وبلغ التوتّر ذروته مع صرف مجموعة كبيرة من العاملين في المحطة، كان معظمهم من مناصري «القوات». يضحك الضاهر عند اتهامه بإقصاء القواتيين عن المحطة: «منذ 2008 بدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية تظهر على كل المؤسسات، وكان علينا اتخاذ تدابير لخفض المصاريف، ومن بينها صرف الموظفين... بما أن أغلب العاملين في المحطة كانوا من «القوات»، كان منطقياً أن يكون القسم الأكبر من المصروفين من هذا الحزب». يسكت لبرهة ويسأل: «إذا أرادت «المنار» أن تصرف مجموعة من الموظفين، أفلن يكون أغلبهم من مناصري «حزب الله»؟ الأمر نفسه ينطبق علينا...». ومجدداً يعود ليؤكّد أن كل ما يطمح إليه حزب جعجع هو السيطرة على «مديرية الأخبار. هذا ما ورد في مشروع الحلّ الذي قدّمه الراحل أنطوان الشويري».
وخارج دائرة الصراع مع «القوات»، يرى الضاهر أن معركة lbc هي معركة حريات ضدّ كل الطاقم السياسي: «الدولة حاولت منذ 1990 وضع يدها على الإعلام... هل يعقل أن اتفاق الطائف ينص على إلغاء الطائفية السياسية في وقت توزّع فيه رخص المحطات التلفزيونية وفقاً للمحاصصة الطائفية؟». ويضيف: «منذ عام 1990 حتى اليوم نعيش في كانتونات إعلامية، واقتصادية وأمنية...».
الصراع الدائر منذ سنتين على ملكية lbc لم يحسم بعد، لكنّه شهد منعطفاً حاسماً في الفترة الأخيرة بعد التصعيد الذي شهدته الساحة الإعلاميّة. ولعلّه وصل إلى نقطة اللارجوع: «سمعت من كثيرين اقتراحات لحل القضية حبيّاً، وأنا أفهم ردة فعل الناس التي تعلّقت بـ«المؤسسة اللبنانية للإرسال». لكن ذلك غير ممكن». ويشبّه الضاهر الصراع بينه وبين «القوات» بما حصل بين عائلتي منصور وعاصي الرحباني: «الجمهور لا يريد أن يعرف تفاصيل هذه الخلافات، كي لا تتحطّم الصورة المثالية التي كوّنها عن فنان أو قناة أو غير ذلك».


فضائيات

مردوخ (مجرّد؟) مستثمر وإذا كان بيار الضاهر يؤكّد أن المنافسة المحلية لم تؤثّر في أداء lbc، ولا في نسبة مشاهدتها، فهو لا ينفي اختفاء وهج «الفضائية اللبنانية» التي مثّّلت قبل سنوات ما يشبه الفتح في عالم الفضاء العربي، وذلك بفعل انتشار مئات الفضائيات العربية. لكن السبب الأبرز في تراجع شعبية المحطة يرتبط، في نظره، بالمنظومة الإعلامية العالمية: «لقد تحوّلت المؤسسات الإعلامية الكبرى إلى ما يشبه المنظومة المنتشرة حول العالم، إذا لم ندخل فيها نصبح خارج اللعبة الفضائية». هكذا يبرر الشراكة بين «الفضائية اللبنانية» و«روتانا» وشركة «نيوز كورب» التابعة لحوت الإعلام الأوسترالي روبرت مردوخ (الصورة). ويضيف شارحاً: «هذا العام دخلت شركة صينية وأخرى هندية إلى قائمة أول 15 مؤسسة إعلامية في العالم، بينما الشركات العربية لا تزال في المرتبة 150». هكذا يرى الضاهر أن التعاون مع «نيوز كورب» أو حتى غيرها من المؤسسات الإعلامية العالمية، سينقل «روتانا» و«الفضائية اللبنانية»، في السنوات القليلة المقبلة، إلى المراتب الأولى في التصنيف العالمي. وماذا عن إسرائيل ومواقف روبرت مردوخ المعادية للفلسطينيين؟ وهل سيؤثّر ذلك في أداء «الفضائية اللبنانية»؟ يبدو جواب الضاهر جاهزاً على السؤال الذي سمعه مراراً: «مردوخ مستثمر. ما يهمّه هو الربح، وتوسيع حضوره الإعلامي في العالم. أما المضمون فسيكون مرتبطاً بنا، ولن يتدخّل أحد من «نيوز كورب» في المواد التي نعرضها».