نشرت صحيفة Le Canard Enchaîné مقالاً اتهم نيكولا ساركوزي بالتجسس على الصحافيين الذين يعملون على قضايا حساسة

صباح أيوب
«يبدو أن رئيس جمهوريتنا هو الابن الروحي لريتشارد نيكسون، وهو سيدير ظهره لممارساته المخجلة. لذا ندعوه إلى أن يشرح فعلته الأخيرة كواجب ملحّ»، صاحبة هذا التصريح هي أوريلي فيليبيتي، أحد نواب الحزب الاشتراكي الفرنسي. أما «ابن نيكسون الروحي» فليس سوى الرئيس نيكولا ساركوزي. ما الذي ارتكبه مجدداً الرئيس الفضائحي؟ وما آخر تعدياته على الصحافة الفرنسية؟ لماذا دعا الحزب الاشتراكي والمعارضة الفرنسية إلى فتح تحقيق مع رئيس الاستخبارات الداخلية؟ وهل نحن أمام «ساركوزي ــ غيت» إعلامية؟!
يوم الأربعاء الماضي، نشرت صحيفة Le Canard Enchaîné الفرنسية السياسية الساخرة مقالاً بقلم رئيس تحريرها كلود أنجيلي اتهم فيه الرئيس ساركوزي بأنه «يدير شخصيّاً عملية التجسس على الصحافيين الذين يعملون على قضايا حساسة». وكشف أن «الرئيس طلب من المدير المركزي لجهاز الاستخبارات الداخلية برنار سكارسيني مراقبة بعض الصحافيين الذين يعملون على قضية ليليان بيتانكور مثلاً». وأضاف رئيس التحرير في مقاله أن ساركوزي، بالتعاون مع سكارسيني ألّف مجموعة من ضباط الاستخبارات السابقين لتتسلم مهمة التجسس هذه!
على الطريقة «النيكسونية» إذاً، أنشأ رئيس الجمهورية الفرنسية، حسب ما جاء في الصحيفة، غرفة سوداء وقاد عمليات تجسس وتنصت على عمل الصحافة الاستقصائية في البلد! لعلّها أكبر فضيحة سياسية ـــــ إعلامية في عهد الرئيس الذي اعتمد على أكثر الطرق التواءً لتطويع الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب منذ تسلّمه الحكم، خارقاً بذلك الدستور الفرنسي وقوانين الاتحاد الأوروبي. الحزب الاشتراكي استنفر نوابه، ومسؤول شؤون العدالة فيه طالب بفتح تحقيق في القضية والاستماع لسكارسيني الذي يبدو في المقال «كقائد أوركسترا العمليات التي يأمر بها ساركوزي». إلى الحزب الاشتراكي، انضم حزب الخضر الذي دعا أيضاً إلى تأليف هيئة مستقلة للتحقيق في هذه المسألة الخطيرة. كما أبدت نقابة الصحافة الفرنسية قلقها من الخروقات الدستورية التي قد يكون ساركوزي ارتكبها في الآونة الأخيرة.

أحداث مشبوهة طالت صحافيين يعملون على فضيحة ليليان بيتانكور

من جهته، ردّ قصر الإليزيه والحكومة الفرنسية بالنفي القاطع للمعلومات التي وردت في مقال أنجيلي، واصفين إياه بـ«الاتهامات الكاذبة». وزير الداخلية الفرنسي سارع للدفاع عن دائرة الاستخبارات الداخلية، قائلاً: «استخباراتنا ليست كجهاز الشتازي الألماني، ومهمتها ليست ملاحقة الصحافيين والتجسس عليهم، بل التصدي للإرهابيين». وردّاً على النفي الرسمي، أعلن رئيس تحرير Le Canard enchaîné أمس أن «المعلومات التي اعتمدوا عليها صحيحة ومصادرها حقيقية... وليقل الإليزيه ما يشاء»!
خبر الغرف السوداء والتجسس على الصحافيين يأتي في جوّ متوتر أصلاً. إذ شهدت الفترة الأخيرة أحداثاً مشبوهة وغريبة طالت الصحافيين الذي يعملون على فضيحة ليليان بيتانكور. إذ سرقت منهم بعض الوثائق والتسجيلات واختفت بعض أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم! جيرار دافي من صحيفة «لو موند»، وإيرفيه غاتينيو من صحيفة «لو بوان» وموقع «ميديابار» تقدموا بشكاوى تتعلق بأحداث شبيهة تعرّضوا لها خلال الأسابيع الماضية. «ميديابار»، الموقع الذي كشف عن فضيحة بيتانكور، ادعى أنه في ليل 7 ـــــ 8 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، سُرقت أقراص مدمجة من مكاتبه تحتوي على تسجيلات سرية لبيتانكور اعتمد عليها لفضح جزء أساسي من القضية. يذكر أن بيتانكور هي أغنى امرأة في فرنسا. وقد كُشف أخيراً عن فضيحة فساد تتعلق بها وبوزير العمل الفرنسي الحالي إريك وورث والرئيس ساركوزي.