نسرين حميدان تغنّي النهضة اللبنانية


قبل أسابيع غنّت الشيخ إمام في «مسرح بابل» البيروتي. الليلة، تخوض الفنانة اللبنانية مغامرة جديدة، وتوسّع خياراتها الغنائية، عبر إحياء الموروث اللبناني والعربي

هالة نهرا
نسرين حميدان لا تجيد إلاّ الغناء. دأبت على تطويع حنجرتها منذ أكثر من عشرة أعوام. تتغيّر تعبيراتها الصوتية تبعاً للون ودور غنائيين يتقاطعان أحياناً مع مزاجية بنت عين عنوب (قضاء عاليه). حين تغنّي نسرين، تقبض على حنوّ وطفولة هاربين، وتسبح في فضاء عارٍ. تفاجئنا بأنّها لا ترغب حاليّاً في إصدار أسطوانة خاصة، ولا تكترث لمسألة الهوية الفنّية: «ما يؤخذ عليّ هو عدم إصراري على تكوين هوية مستقلّة» تقول. ثمّ تضيف: «لم تنضج تجربتي بعد، وما زلت أبحث عن ظلّ أعتنقه». تفضّل إحياء الموروث الغنائي اللبناني والعربي بما يتضمّنه من أغانٍ وموشّحات، وأدوار وقدود، وطقاطيق ومواويل... بعدما غنّت للشيخ إمام في «مسرح بابل» («الأخبار»، 26 آب/ أغسطس 2010)، ها هي تخوض مغامرة جديدة، وتوسّع أفق صوتها، ومروحة خياراتها الغنائية.
لن يكون غناؤها منفرداً، مساء الجمعة، في «أسمبلي هول» في الجامعة الأميركية في بيروت. لن تكتفي بمرافقة وفواصل خجولة على عود متلعثم تُسمَع نبراته بصعوبة. أغاني فيلمون وهبة وزكي ناصيف، تتطلّب دينامية نغمية وإيقاعية، وتنوّعاً وتريّاً، وزخماً ورنيناً لإبراز خصوصية ألحانهما، ما يستدعي فرقة محترفة إلى جانب حميدان.
الميتزو سوبرانو ستغنّي إذاً في جوّ يليق بالذكرى الخامسة والعشرين لرحيل فيلمون وهبة (1916-1985)، ومناسبة تكريم زكي ناصيف. الأمسية المشحونة بالطرب اللبناني، تحمل عنواناً لافتاً: «أضواء على سنوات النهضة الموسيقية اللبنانية» (1950-1975). برنامج الحفلة لا يقتصر على باقة مختارة من ريبرتوار وهبة وناصيف، بل يشتمل أيضاً على أغنيات لنور الهدى، وسلوى القطريب، وزكية حمدان. ستؤدّي نسرين 16 أغنية برفقة «الفرقة الموسيقية اللبنانية»، وتضمّ نهاد عقيقي (قانون)، ووليد أبو سرحال (عود)، وسمير سبليني (ناي)، وغازي مرعي (كمان)، وأحمد كعكاتي (رِقّ).
تأدية أغنيات فيلمون وهبة – خصوصاً تلك التي غنّتها فيروز – مهمّة صعبة ودقيقة. برغم أنّ هذه الأغاني تتّسم بالبساطة وتوحي بأنّها سهلة، فإنّها الأعقد والأكثر تطلّباً بين الأغنيات العربية. قد تكون أغاني فيروز أصعب من أغنيات أم كلثوم، وأسمهان، وليلى مراد. بنيتها اللحنية والمقامية، والتكامل الحداثيّ بين الشعريّ والموسيقي في وحدةٍ غنائية مترّاصة، يجعلان تأديتها بمثابة محاولة مستحيلة لبلوغ الكمال.
المستمع سيقارن تلقائيّاً بين أداء فيروزيّ موشوم بالذاكرة الفردية والجمعية وأيّ أداء آخر. لذلك، فنسرين حميدان (1978) أمام تحدّ حقيقيّ يفرض الحفاظ على مستوى عالٍ من الحرفية، خصوصاً في أغنيات مثل «يا ريت مِنُنْ» (ألحان فيلمون وهبة، وشعر جوزيف حرب)، و«يا دارة دوري فينا» (ألحان فيلمون وهبة، وشعر الأخوين رحباني)، و«بلَيل وشتي»، و«إسوارة العروس»، و«فايق يا هوا»، و«البواب»... أمّا «عَ البال يا عصفورة النهرين» و«بلدي حبيبي»، فتشوّقان الجمهور إلى صوت نادر يستضيء بوميض من زمن النهضة الموسيقية اللبنانية.


8:00 مساء بعد غد الجمعة: «أسمبلي هول»، الجامعة الأميركية في بيروت – للاستعلام: 01/366445.