عاد اكتشاف عظام في أرض دير مار إفرام للسريان في بلدة الشبانية ـــــ قضاء بعبدا، الى الأضواء أمس، مع توجه وفد من المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وجمعية أهالي المفقودين في الحرب اللبنانية، ولجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين (سوليد) الى البلدة ومحاولة أعضائه الدخول الى المكان ومعاينته، في غياب رئيس البلدية ومخاتير البلدة وممثلين عن أصحاب العقار. في ساحة البلدة، توقف الزوار أمام الكنيسة يسألون ويستفسرون. سريعاً يصل نايف الأعور، وهو سائق جرافة اكتشف المقبرة. يقول الأعور «رأيت أكياس نايلون تحوي جثثاً لحوالى 27 شخصاً ممددة ومصفوفة بانتظام، وغير ذلك لا كلام عندي». الحشد الأمني يتزايد. «الاقتراب ممنوع بأمر من البطريركية، وعليكم تحصيل إذن من النيابة العامة». الكلام العصبي، لدركي كان في المكان. رئيس «سوليد» غازي عاد، الذي أجرى اتصالات للحصول على إذن بمعاينة المقبرة من دون جدوى، يسأل ساخراً: «من استقدم هذا الكم من القوى الأمنية وبهذه السرعة ولماذا؟ شغلة كبيرة». رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني، هي الأخرى تتساءل: «لماذا تمنعوننا من معرفة الحقيقة. إذا كانت مقبرة ماعز فلماذا تخافون أن نراها؟ هذا يزيد الشك». وتضيف: «المقابر الجماعية تظهر في عدد من المناطق اللبنانية، ونحن لم نأت من كوكب آخر، نحن أبناء هذا الوطن، ولا نريد نكء الجراح، بل تبيان الحقيقة»، فيما تولى المحامي نزار صاغية الشرح، بهدوء، «كيف أن عملية الكشف والإفصاح تهدئ النفوس».
بعدها توافد عدد من أبناء البلدة الى الساحة، مزودين بأنواع الضيافة والأخبار. ميشال يمين يؤكد أنه «اكتشف منذ سنوات مقبرة تعود إلى سبعة «خوارنة» مسيحيين في محيط الدير المذكور، قتلوا خلال أحداث عام 1860 ولم يتحرك أحد».
يشكك أحد المقاتلين السابقين في الحرب الأهلية من أبناء المنطقة في وجود مقبرة في تلك البقعة لأسباب عدة، أهمها: صعوبة الوصول اليها لعدم توافر طرقات للسيارات فيها، الى ما بعد فترة التسعينات، كما أن الجثث خلال الحرب الأهلية لم تكن توضع في أكياس، بل تدفن في المقابر الجماعية جزافاً. والأهم أن المنطقة كانت محل إقامة لرعاة الماعز»، لكن المقاتل «التائب» يستدرك: «هذا لا يعني عدم البحث والتحري والتفتيش مراعاةً لمشاعر أهالي المفقودين».
وكان البحث قد جرى في 23 تموز الماضي، بحضور الأجهزة الأمنية المختصة والأدلة الجنائية والشرطة القضائية، والطبيب الشرعي الدكتور نعمة علي الملاح، الذي أكد يومها أن «العظام القليلة الموجودة في الموقع تعود إلى حيوانات نافقة منذ أعوام»، وهي المعلومات نفسها التي أكدتها الأدلة الجنائية التي حضرت الى المكان.