أصل الخطأ
وبحسب ما يوحي به كلام رئيس لجنة الأشغال النيابية محمد قباني، أمس، فإن الخطأ انطلق من وزارة الأشغال. فعندما رُسّمت الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، رُسّمت من ناحية الجنوب كما من ناحية الشمال باعتماد نقطتين. النقطة النهائية وهي نقطة التلاقي الثلاثية المتوازية المسافة بين لبنان وقبرص وفلسطين المحتلة هي النقطة رقم /23/، وفي نص الاتفاقية مع قبرص أشير إلى النقطة رقم واحد، وهذه النقطة هي النقطة المؤقتة التي اعتُمدت قبل أن يحصل الاتفاق النهائي على النقطة 23 أعلاه. وبالتالي، أخطأ لبنان في تسمية النقطة. فالنقطة المؤقتة وضعت في الاتفاقية، وكان يفترض أن توضع النقطة 23. وهذا الفرق، بحسب قباني، بين النقطتين هو مساحة غير قليلة في البحر، وهي من حقوق لبنان، من ثرواته البحرية.
واللافت أن لجنة الأشغال النيابية أبدت اعتراضاً على مشروع الاتفاقية بين لبنان وقبرص، على الرغم من أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري منع وصوله إلى مجلس النواب «لكي لا تنزعج تركيا» (الانزعاج نتيجة الحساسية بين قبرص وتركيا)، وقد جاء الاعتراض متأخراً جداً، ولم تعلنه اللجنة إلا بعد أن صدحت وسائل الإعلام بخبر الاعتداء على الحدود البحرية، بعد أن أثارها الوزير جبران باسيل!
العريضي يردّ
وكما في كل مناسبة، كان ردّ فعل وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي قد تراوح بين الانفعال والاستعراض، من دون الحديث عن آلية معالجة هذا الخطأ، فإذا به بعد لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يشنّ هجوماً مضاداً على رئيس لجنة الأشغال النيابية محمد قباني (من دون تسميته) محاولاً الإيحاء بأن كشف الخطأ له خلفيات سياسية! ولفت العريضي إلى أن ممثل وزارة الأشغال العامّة والنقل المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ قيسي «من أكفأ موظفي الإدارة اللبنانية وأنظفهم وأكثرهم خبرة ونزاهة، ويستحق الثناء والشكر والتقدير والتحفيز على الاستمرار في العطاء وفي الإنتاج»، وتابع «كرامة عبد الحفيظ قيسي هي كرامة غازي العريضي بكل تواضع». وأعلن العريضي تحمّله مسؤولية «كل ورقة موقّعة في وزارة الأشغال منذ تسلّمي هذه الوزارة، وأنا أعرف كيف أحاسب». وبالطبع أرسل العريضي «لطشة» إلى تيار المستقبل، وقال «ما يؤسفني، ولكن ما يقويني ويعزيني في الوقت عينه، أن الذين أخطأوا وسرقوا في وزارة الأشغال أقدم غازي العريضي على محاسبتهم وجاء من يريد حمايتهم، وهم يعرفون ماذا أقول». وتتضح صورة «الملفات المتبادلة» حين يقول العريضي «حذار أن يخطئ أحد من خارج وزارة الأشغال معها، فأنا أيضاً أعرف كيف أتصرف»!
خارطة طريق؟
وبعيداً عن المعارك «اللفظية»، أوضحت اللجنة النيابية الفرعية أن لبنان أقرّ قانون البحار، فيما لم توقّعه إسرائيل، «فهذا القانون يلزمنا بتشريعات وطنية متعلقة بالحدود البحرية»، إلا أن هذه التشريعات غير موجودة حتى الآن، كذلك من المفترض أن يحدد لبنان الخط الذي يفصل البر اللبناني عن البحر ويسمّى خط الأساس، وأيضاً تحديد المعايير التي اعتمدت في تحديد هذه الحدود، وبالتالي إيداعها الأمانة العامة للأمم المتحدة، ويترافق ذلك مع إصدار قانون تحديد المناطق البحرية، وكيف تجري ممارسة السيادة اللبنانية عليها، واعتماد نظرية ما يسمّى المطالبة القصوى في عمليات التفاوض.
وقد لفت قباني إلى ضرورة تأليف فريق لبناني متخصص في القانون، ومتخصص في الهندسة البحرية، ومتخصص في التفاوض الدبلوماسي، لكي يكون قادراً على التفاوض العادل مع قبرص أو في أي مجال آخر من مجالات النزاع إذا حصل، وإعداد الوثائق القانونية والفنية التي نحتاج إليها في الدفاع عن الحدود وحقوق لبنان، وإقرار قانون لتحديد المناطق البحرية الخاضعة للسيادة اللبنانية. وأشار إلى أنه «سيقدم هذا الاقتراح بعد ثلاثة أسابيع بصيغة اقتراح قانون في المجلس النيابي، على أن يكون خارطة الطريق التي من المفترض السير بها في الأسابيع القليلة المقبلة».
1.7 مليار برميل
هو حجم النفط الموجود في الحوض الشرقي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط بحسب «هيئة المسح الجيولوجي الأميركية»، وتحوي هذه المنطقة 122 تريليون قدم مكعب من الغاز طبيعي، علماً بأن المنطقة الاقتصادية الحصرية اللبنانية تقع بالكامل ضمن الحوض الشرقي
السنيورة يشيد بالاتفاق!
قال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية في جامعة نيقوسيا في قبرص، إن لبنان وقبرص يتشاركان ملكية بعض آبار الغاز والنفط، لذا فإن اتفاق ترسيم الحدود بينهما الموقع في 17 كانون الثاني 2007 يعتبر تمهيداً لاتفاق مستقبلي على نقطتين في الشمال والجنوب تعود ملكيتهما إلى 3 بلدان، علماً بأنه يجب أن يلي ذلك اتفاق بشأن إطار العمل الخاص بتطوير خط متوسط للموارد النفطية واتفاق السرية بنحو مشابه للاتفاقات التي جرى توقيعها بين قبرص ومصر... إلا أن السنيورة لم يوضح السبب عدم تحويل الاتفاقية من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب، وما منع الرئيس سعد الحريري من تحويلها وقد تبيّن أنها مغلوطة أصلاً!