انتقال أساليب «محاربة التمرّد» التي اعتمدتها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين إلى كبح الاحتلال الأميركي للمقاومة العراقية بعد 2006، كان محور المحاضرة التي قدمها ستيفن نيفا، في الجامعة الأميركية في بيروت. أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة «أفيرغرين» الأميركية عنون محاضرته بـ«محاربة التمرّد وسلطة الفضاء: دروس الحرب والاحتلال من فلسطين إلى العراق». وبدأ نيفا، الذي يمكن تصنيف حقل أبحاثه بأنه منطقة وسطى من العلاقات الدولية والجغرافيا، عرضه بالقول إنّ فضاء المكان في العراق عموماً وبغداد خصوصاً، هذه الأيام، يشبه ما يحدث في فلسطين (غزة والضفة الغربية) من حيث الإحاطة بها وتقسيمها جغرافياً بالجدران الخرسانية والحواجز والأسلاك الشائكة. كلّ ذلك يحصل بينما تجري المراقبة أو القصف من الجوّ على مدار الساعة بطيارات بلا طيّار. وذكّر نيفا بموجة العمليات الاستشهادية التي شهدها العراق في عام 2008 ونفذت غالبيتها نساء انتحاريات. كانت أسباب ذلك متعدّدة، منها أنّ الطرق الحربية التقليدية التي نجحت في غزو العراق، أثبتت فشلها في ما بعد في وقف حركات المقاومة إجمالاً بمختلف أطيافها من الحركات الأصولية السنية إلى «جيش المهدي» الشيعي، وذلك في نهاية عام 2006. يومها، دار كلام في أروقة الإدارة الأميركية حول ضرورة الانسحاب من العراق، إلّا أنّ ما جرى كان تعيين الجنرال «بترايوس» ـــــ يخدم اليوم في أفغانستان ـــــ لقمع «التمرّد». تشاور الأميركيون حينها مع الإسرائيليين الذين نصحوهم باعتماد «أسلوب في السيطرة على السكان»، إلى أن أصبحت بمثابة «العقيدة القتالية الجديدة في المناطق المأهولة في الجيش الأميركي». ويمكن، بحسب نيفا، وصف الكيان الصهيوني «بالمختبر للتطبيقات الأميركية» لابتداع أساليب جديدة للسيطرة على المناطق المأهولة والحركات الشعبية.
ورأى الباحث أنّ ازدياد العمليات الاستشهادية بعد 2004 كان السبب الأساسي في اعتماد ما سمّي نظرية «محاربة التمرّد» التي انتهت بالانسحاب من غزة، وتطبيق شارون لأساليب السيطرة على الفضاء والتحكّم بالقوة الحياتية للفلسطينيين في غزّة والقطاع. وواجه الأميركيون في العراق الفشل نفسه عام 2006، فاعتمدوا «الوصفة الإسرائيلية». وأنهى نيفا المحاضرة بالقول: «لكنّ السلطة تنتج دائماً مقاومة أكبر وأذكى، وهذا ما سيحصل على الأرجح في العراق وفلسطين».