قد تكون من المرات النادرة التي تحتشد فيها جموع في الضاحية الجنوبية لبيروت في مناسبة غير سياسية أو دينية. فالمكان الذي استضاف قبل سنوات قليلة غنائم الحرب في معرض «بيت العنكبوت»، يختتم غداً «سيرك النجوم» الترفيهي. فعاليات السيرك دارت في خيمة ضخمة نصبت في مقابل ملعب الراية الشهير حيث تقام الاحتفالات الحزبية واستقطبت جمهوراً من كل الأعمار. كريم (22 سنة، طالب جامعي) أتى لحضور السيرك بعد مشاهدته الإعلان على التلفاز «فالحدث جديد على المنطقة وجديرٌ بالمتابعة».

كذلك حضرت سماح (30 سنة، ربة منزل) لتختبر للمرة الأولى المشاهدة الحية لألعاب خفة «كنّا نراه عبر الشاشة فقط»، مبديةً إعجابها بقدرة الشباب اللبناني على تقديم عروض بهذا المستوى الرفيع. الأطفال هم أيضاً تسمّروا أمام الأعمال البهلوانية وصفقوا كثيراً للفنانين في أثناء العد العكسي لتقديم الفقرات. ربيع (9 سنوات) قال إنه طلب من والده أن يحضره إلى هنا ليرى النمر المرقط. ولفت محمد (7 سنوات) إلى أنّ سيخبر معلمته وأصدقاءه في المدرسة أن السيرك «كتير حلو» كي يأتوا ويشاهدوا العروض. أما ميساء (22 سنة، مصورة) فقد تحدثت بإعجاب عن السيرك، لكنها رأت أن ما ينقصه هو تطعيم عروضه بالعنصر النسائي، عازية الأمر إلى خصوصية المنطقة وتقاليدها.
أم أحمد، السيدة الخمسينية، أحضرت أولادها لتقول إنّ «الضاحية التي قُصفت أمس تُقدم اليوم ومن المكان نفسه صورةً مشرقة عن وجهها الآخر». هنا يتدخل شبان مشاركون في الحدث «نحن أيضاً نحب الحياة».
داخل الخيمة التي تتسع لألف مشاهد تقريباً، ترحيبٌ بالحضور مع بداية كل عرض من مدير العلاقات العامة عصام عبد الساتر مع إعطاء بعض التعليمات والإرشادات لدى مشاهدة «السيرك اللبناني الأول بفنانيه ومهرجيه ولاعبيه مطعّماً بفريقين أجنبيين فقط، الأول متخصص بألعاب الحيوانات (النمور) والآخر يمارس ألعاب الخفة».
ويقول مدير شركة «سيرك دوليبان» المنظمة للعروض اسحاق أبو ساري إنّ استقدام السيرك إلى الضاحية جرى بالتنسيق مع بلدية حارة حريك. ويوضح نائب رئيس البلدية، أحمد حاطوم أننا «رحبنا بالفكرة لتقديم أنشطة ترفيهية جديدة، واشترطنا أن تكون الأسعار تشجيعية وأن تلتزم العروض الضوابط الشرعية لكي يتمكن الجميع من مشاهدتها لأن الحدث جديد على المنطقة والناس ترغب بالترفيه، بعيداً عن الهموم اليومية». ويتحدث القيمون على السيرك، عن السعي لتأليف فرقة لبنانية لتقديم هذا الفن من دون الاستعانة بخبرات أجنبية، وذلك من خلال تأسيس مدرسة السيرك اللبناني المجانية لتضم المواهب الناشئة. وعن أسعار البطاقات، يجيب بلال عبد الساتر، أحد الإداريين في السيرك، بأنها تراعي الأحوال المعيشية للمواطنين وهناك ثلاث فئات لأسعار البطاقات، متمنياً على الدولة عبر وزارة السياحة دعم مثل هذه النشاطات. وقال إن المحطة المقبلة ستكون على شاطئ صور خلال الصيف المقبل.