عشرة أيام مضت، ولم تظهر مفاعيل لقاء رؤساء البلديات العكارية مع المدير العام لوزارة الداخلية بالوكالة روجيه سالم. وهو اللقاء الذي عقد في طرابلس للبحث في مشاكل البناء وأزمة الرخص التي منعت البلديات من إصدارها إلا بموافقة التنظيم المدني.
لقاء بلا مفاعيل، وحال لم يعد أهالي عكار يطيقونها. لهذا، صار قطع الطريق هو السبيل الوحيد للتنفيس عن غضبهم، حيث شهد أواخر الشهر الماضي انقطاعاً شبه يومي للطريق الدولية في بلدة المحمرة التي تقع على مدخل عكار لجهة طرابلس. وقد تداخلت مبررات قطع الطرقات بين استفحال أزمة نقص فرص العمل بسبب اشتداد منافسة العمالة السورية مع تضخم عدد النازحين السوريين من جهة، والتشدد في قمع مخالفات البناء من جهة ثانية.
«طفح الكيل»، يقول مختار المحمرة أحمد سلمى. ويضيف «أنا شخصياً لم أعد أطيق هذا الوضع، فلدي أربعة أولاد ولا أملك قطعة أرض مفروزة لكي أبني لهم بيوتاً، كما أن أغلب الأراضي العكارية مشربكة، فهي إما غير ممسوحة أو غير مفرزة، علماً بأن الواحد منا يفضل أن يكون البناء مرخصاً من قبل التنظيم المدني، لأن ذلك يرفع من سعر شقته ومن إيجار محله».
أما مختار المخاتير (رئيس رابطة مخاتير جرد وساحل القيطع) زاهر الكسار، فيرى أن «الأمور تحتاج إلى العلاج». وإذ يرفض قطع الطرقات من جهة، إلا أنه من جهة ثانية يبرّر للقاطعين بالقول «هم فئة مهمشة من الناس، بينفسوا شوي». وعلى المنوال نفسه، يؤكد الكسار من جهة أخرى تعاطفه مع النازحين السوريين، لكن «اللبناني وضعه ضيق في الأساس، ولا يقدر على تحمل المزيد. ورغم أننا لا نعترض على حقهم في العمل، نظراً إلى الظروف الإنسانية الصعبة التي يمرون بها، باتوا ينافسون فقراء عكار على مصادر عيشهم وفرص عملهم الضعيفة أصلاً». ولتأكيد كلامه، يشير مختار المخاتير بيده نحو الشارع، فيشبّه حركته بـ«حالة الحرب، ونخشى إذا استمر الأمر على هذه الحال من تشكل عصابات سرقة من العاطلين من العمل».
وإذ كان لافتاً أن أغلب عمليات قطع الطرق تحصل قرب بلدة المحمرة، لم تُظهِر بلدة ببنين، وهي أكبر البلدات العكارية وأكثرها كثافة سكانية، حماسة للمشاركة في عمليات الاحتجاج. وقد عبّر رئيس بلديتها كفاح الكسار في اتصال مع «الأخبار» عن خشيته من تحول الاحتجاج على وقف تراخيص البناء باتجاهات «لا أحد يتكهن أين تنتهي، ولا يمكن معرفة من يريد أن يستثمر الموضوع». ويرى الكسار أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل «إذا أراد أن يفعل، فهو يملك وحده الحكمة المطلوبة لتجاوز حال الاحتقان التي لا يجوز تركها من دون معالجة».