تتكدّس المعاملات الجمركية لشركات استيراد الأدوية والمستحضرات الطبية وشركات المعدات والمستلزمات الطبية في مكاتب مخلصي البضائع بسبب خلاف بين نقابتي الأطباء في بيروت وطرابلس حول «طابع النقابة» وختم المعاملات.معاملات كثيرة مجمّدة منذ أسابيع بسبب قرار لوزارة الصحة ينص على أن تحمل كل معاملة جمركية عائدة لرسوم «الفوب» للأدوية والمستلزمات (الرسم المفروض في مطار ومرفأ بيروت قبل دخولها الأسواق) ختمي نقابتي بيروت وطرابلس، ورفض إدارة الجمارك أي معاملة لا تلتزم بمضمون القرار.
وتستوفي النقابتان رسماً مالياً بقيمة 0.5% على الأدوية والمستحضرات الطبية الجاهزة و2% على اللوازم والتجهيزات والأدوات الطبية مباشرة من الشركات عن كل معاملة جمركية. يتمّ استيفاء هذا الرسم بلصق المستوردين طوابع «أجاز القانون للمرجع النقابي إصدارها لمصلحة الصندوق التقاعدي». وتنص «القسمة» على ذهاب 75% من قيمة الرسم لنقابة بيروت، مقابل 25% لطرابلس، قبل أن تصبح أخيراً 80% بـ20%.
قبل الأزمة، لم تكن هذه «القسمة» تشكّل سبباً لاندلاع خلاف إلى العلن بين النقابتين، وإن كانت العلاقة دائماً في ما يخصّ هذا الملف قابلة للانفجار في أية لحظة. بقي الوضع على ما هو عليه حتى عام 2019، عندما طالبت نقابة طرابلس بـ«تحرير» رسم الطابع من نقابة بيروت «بعدما قرر مجلس نقابة بيروت، من طرف واحد، خفض حصة نقابة طرابلس من 25 إلى 16%»، بحسب نقيب أطباء طرابلس محمد صافي، مشيراً إلى أن هذا القرار أشعل نقاشاً استمر ثلاث سنوات «تدخّل فيه وزير الصحة وانتهى بشبه اتفاق على رفع حصة نقابة بيروت من 75% من قيمة الرسمين إلى 80% مقابل 20% لنقابة طرابلس».
غير أن هذا التوافق لم يحل الأزمة، إذ بقيت لنقابة طرابلس ملاحظات على آلية التطبيق. بحسب صافي، «ارتأت نقابة بيروت أن يستمر استيفاء الرسوم في بيروت، وحاولت أن تمرّر بنداً يقضي بحسم 15% من حصة نقابة طرابلس بدل إدارة العمليات، وهو ما رفضناه». بسبب ذلك، قامت نقابة طرابلس بحراك بين وزيري الصحة والمالية، واستحصلت على قرارٍ من وزارة الصحة نهاية العام الماضي يقضي «باستيفاء نقابة بيروت حصتها (...) وكذلك نقابة طرابلس مباشرة (...) وعلى كل معاملة جمركية أن تحمل ختمي كل من النقابتين». وجرى تبليغ القرار للمعنيين وعممته إدارة الجمارك أخيراً.
ما يقوله صافي ترفضه نقابة بيروت، فبحسب المصادر «من الطبيعي أن تكون حصة نقابة بيروت أكبر نظراً للفارق الكبير بين أعداد الأطباء في النقابتين». وتضيف: «ليس صحيحاً أننا طالبنا بحسم 15%، بل اتفقنا معهم على أن نأتي بموظف إلى نقابة بيروت ليقوم بهذه المهمة، على أن نعطيهم حصتهم كل أسبوع، إلا أنهم رفضوا الأمر». وفيما كانت المفاوضات مستمرة، «فوجئنا بالقرار الذي يقضي بفرض ختمين وبات الخلاف حول هذه النقطة اليوم».
ما الذي يعنيه هذا القرار؟ بحسب صافي «يعني أن كل طرف يستوفي حقه بلا مشكلات»، آخذاً على نقابة بيروت تعاطيها غير المنصف مع نقابة طرابلس «إذ إن لنا في ذمتها حوالى 15 مليار ليرة منذ 2019 وقد فقدت قيمتها أساساً».
لكن، بعيداً من الخلاف وموقف كل طرف منه، ثمة طرف آخر لم يأخذه أحد في الاعتبار، وهو ما يجري مع كل معاملة جمركية تتوقف أياماً وقد تمتد لأسابيع... بانتظار ختم، إذ إنه بحسب القرار الجديد، لا يكفي ختم بيروت عن الطرفين، وإنما يحتاج الأمر لزيارة طرابلس لتحصيل الختم الآخر. وهذا ليس تفصيلاً عابراً، بل أساسي، خصوصاً أن تداعيات هذا الخلاف لا تنعكس فقط على سير الأعمال في المرفقين وتأخيراً للشحنات، وإنما على المرضى الذين باتوا اليوم ينتظرون الختم للحصول على الأدوية والمستلزمات، وهم الذين ينتظرون منذ فترة مزاج الشركات لتأمين أدويتهم أو تحريرها من الخزن. فهل تزيد أزمة الختمين ما هو قائم حالياً؟