وصل مشروع اقتراح «قانون الأحوال الشخصية الموحد»، الذي تقدّمت به جمعية «كفى عنف واستغلال» إلى المجلس النيابي في 14 الشهر الفائت، ونال توقيع تسعة نواب (سامي الجميل، ميشال دويهي، جورج عقيص، بلال عبد الله، فريد البستاني، إلياس جرادة، بولا يعقوبيان، فراس حمدان، ومارك ضو). وبانتظار إحالته إلى اللجان النيابية المختصة ومناقشته فإقراره، الطريق طويلة ومحفوفة بالمخاطر، «بدأ يعترضها رجال الدين وزعماء الطوائف الرافضين لإقرار القانون برمّته منذ اليوم الأول الذي عرضناه على النواب، فشنّوا حملة شرسة لتطييره»، بحسب المحامية في «كفى» فاطمة الحاج.ليس هذا أول مشروع قانون توحيد للأحوال الشخصية، «ففي عام 1957 قُدّم مقترح قانون أحوال شخصية موحّد لم يتم إقراره، ثم تبعته أكثر من محاولة جميعها باءت بالفشل. لكنّه أول مشروع قانون يشمل الأحوال من لحظة التسجيل في دائرة النفوس حتى الوفاة». سيلغي مشروع القانون هذا، إذا أُقرّ، قوانين الأحوال الشخصية الطائفية الخمسة عشر، وسيوحّد جميع المواطنين على الأراضي اللبنانية باختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية من خلال إخضاعهم لزاماً لقانون واحد ينظّم أحوالهم مدنياً لا طائفياً.

حماية الحقوق والحريات
مقابل الأصوات المعارضة لمشروع القانون باسم الدين ومصالح الطوائف، تتسلّح «كفى» بحماية الحقوق والحريات. تنطلق من «سوء تطبيق المادة 9 من الدستور اللبناني، التي تنص على حرية المعتقد واحترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية، ما أدى إلى استئثار الطوائف بنطاق الأحوال الشخصية وحؤولها دون إصدار قانون مدني عام»، كما ورد في نص مشروع القانون. وتلفت إلى أن «الدستور أعطى الطوائف استقلالاً ذاتياً في إدارة شؤونها ومصالحها الدينية لكنه لم يحجب حق الدولة في سنّ تشريعات لتنظيم أوضاع الطوائف». ثم تستشهد بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينصّ في المادة الأولى منه على أن «جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق». وهنا تعطي الحاج مثلاً «كيف تضرب قوانين الأحوال الشخصية الطائفية كلّ ذلك: إطاعة الزوج وأخذ موافقته عند مغادرة المنزل يضرب حق المرأة في حرية التصرف والتنقل، واختلاف سنّ حضانة الأولاد كما حدّدته كلّ طائفة يضرب مبدأ المساواة بين النساء»...
علماً أن الحاج تؤكد أن الهدف «تحقيق المساواة بين جميع المواطنين»، بالاطلاع على نص مشروع القانون ومقارنته بالواقع اليوم، نلحظ أنه يستهدف بشكل أساسي المرأة، ويسعى إلى تسوية أوضاعها وتحقيق المساواة في صفوف النساء اللبنانيات باختلاف طوائفهن من جهة، وبينهن وبين الرجال من جهة ثانية. فالمرأة في لبنان تعامل على أنها فاقدة للأهلية ولا تستطيع تقرير مصيرها، فتعاني من تمييز جندري، وتفرض عليها طاعة الزوج، وتُحرم من حضانة أولادها بعد الطلاق بحسب طائفتها…

ماذا سيتغير بموجب مشروع القانون المقترح؟
1. يسجّل جميع اللبنانيين على الأراضي اللبنانية عقود الزواج في سجلات مدنية في دوائر النفوس، تدوّن عليها جميع التغييرات في أحوال الزوجين الشخصية. علماً أن تسجيل الزيجات ومفاعيلها سيخضع لهذا القانون، إلا أن للزوجين حرية اختيار شكل الزواج وإقامة المراسيم والشعائر الدينية.
2. يضع مشروع القانون حدّاً لزواج القاصرات. فلا يجيز، بموجب المادة السابعة منه، عقد زواج على الأراضي اللبنانية قبل بلوغ الطرفين سن الثامنة عشرة، ويعاقب من يخالف أحكام هذه المادة بالحبس من 3 أشهر إلى سنة وبدفع غرامة مالية تبلغ 4 أضعاف الحد الأدنى للأجور.
3. يمنع عقد الزواج، إذا كان أحد العاقدين مرتبطاً بزواج سابق قائم، فيتوقف بذلك تعدّد الزوجات.
قوانين الأحوال الشخصية السارية تضرب المساواة بين النساء في بلد واحد


4. الزوجان ملزمان بالإنفاق على المنزل وعلى الأولاد إلا إذا اتفقا على خلاف ذلك في العقد. كما يشتركان في ملكية الأموال خلال الزواج، ويعدّ المنزل الزوجي ملكية مشتركة لا يجوز التصرّف به إلا بموافقة الزوجين.
5. يسجّل الأولاد في الخانة الفردية لكلّ من الوالدين، ويحملون اسم عائلة الأم أيضاً بعدما كانوا يحملون عائلة الأب فقط.
6. الحضانة بعد الطلاق تكون مشتركة، والطفل يقيم مع والدته في منزل الأسرة، إلا في الحالات الاستثنائية إذا كانت مصلحة الطفل أو رأيه يستدعي التصرف خلافاً لذلك.
7. تبطل مفاعيل الحكم الشرعي عند الميراث: «الذكر مثل حظ الانثيين»، إذ يرث الأولاد، بموجب مشروع القانون، أهاليهم بالتساوي من دون تمييز بين ذكر أو أنثى.
عملت «كفى» على إعداد مشروع القانون منذ عام 2018، وكان مقرّراً الإعلان عنه في مؤتمر صحافي في 18 تشرين الثاني من عام 2019، إلا أنه وقبل يوم واحد اندلعت انتفاضة 17 تشرين وأطاحت به. ثم، «لمسنا نوايا جدية لدى كثيرين للإصلاح، فنفضنا الغبار عنه لأنه لا يمكن التأسيس للمواطنة في ظل 15 قانوناً للأحوال الشخصية». تعرف «كفى» أن المعركة طويلة في ظلّ الانهيار والحملات المضادة لمشروع القانون، «لكن إقرار قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة أخذ 6 سنوات، وقانون موحد للأحوال الشخصية يستحق الصبر والمواجهة».