يبدو مشهد الازدحام على الطرقات وفي الشوارع مألوفاً للوهلة الأولى لأنّه موسم أعياد، إلا أنّه يبقى مثيراً للاستغراب في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية، وبعدما افتقد ذلك اللبنانيون في السنتين الأخيرتين. وعلى الرغم من أن هذه الصورة الإيجابيّة لا يمكن أن تُعمَّم على مختلف المناطق، أو المحالّ التجارية، إلا أن عدداً من التجار الذين ينتظرون هذه المناسبة يؤكدون وجودَ حركة بيع جيدة لهدايا متداولة بالعادة في عيد الميلاد المجيد، معربين عن سعادتهم بتحسّن الوضع وتفاؤلهم بعودة الحياة إلى طبيعتها إلى حدّ ما.
زبائن الطبقة الوسىطى
البضائع المسعَّرة بالدولار، وغالبيتها مستوردة من الخارج، باتت أمراً اعتيادياً بالنسبة إلى البعض. وتُعدّ الألعاب مثالاً على ذلك، فهي تباع وفق سعرها بالعملة الصعبة أو حسب سعر السوق الموازية، «80% من الزبائن يدفعون ثمنها بالعملة الصعبة»، يقول إيلي، صاحب متجر للألعاب. يلفت إلى تغيير حصل في سلوك اللبنانيين «بعدما كان معظم الزبائن يتردّدون في اختيار ألعاب لأولادهم ويحتسبون أسعارها بالليرة ليروا إن كانت تتلاءم مع قدرتهم الشرائية، نجدهم اليوم قد تأقلموا مع دولرة الأسعار وبات الأمر عادياً بالنسبة إليهم».
بالنسبة إلى إيلي، الإقبال جيّد «والمبيعات ارتفعت بنسبة 30% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي»، على الرغم من أنّ الأسعار لم تتغيّر، «لا بل بعضها انخفض نظراً إلى تراجع تكاليف الشحن». ويشبّه الوضع حالياً «بما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية أي في عام 2018»، لافتاً إلى أنّ الزبون يشتري مجموعة من الألعاب، ما يشير إلى عودة تبادل الهدايا بعدما اختفت هذه العادة مع بداية الأزمة.
تبدأ أسعار الألعاب في متجره من 4 دولارات لتصل إلى 500 دولار، من هنا يلفت إيلي إلى أنه يحرص على أن تتوافر لديه بضائع بأسعار متعدّدة ليتمكّن الجميع من الشراء. ويلاحظ أنه «في السنتين الماضيتين كان الزبائن يشترون، إمّا الألعاب الأقلّ ثمناً أو الأغلى ثمناً، فيما اللّافت هذا العام أنّ البعض يختار ألعاباً تراوح أسعارها بين 20 و30 دولاراً، ما يعكس ظهور الطبقة الوسطى مجدّداً في المجتمع».

الشربين بديلاً من شجرة العيد
من الهدايا الشائعة والخاصّة بعيد الميلاد التي تتبادلها العائلات في هذه المناسبة، البوانسيتيا، أو ما يُعرف أيضاً بزهرة العيد التي يستورد المزارعون شتلتها من الخارج. لم يتراجع محبّو هذه الزهرة عن شرائها على الرغم من تسعير الحجم الصغير منها مع إنائها بـ 8 أو 10 دولارات كحدّ أدنى. يؤكد شربل، صاحب محلّ لبيع الأزهار أنّ «كمية مبيعات البوانسيتيا مضاعفة هذا العام مقارنة مع العام الماضي، ولكنّها لا تتعدّى نصف الكمية التي كنّا نبيعها قبل الأزمة الاقتصادية، ولا سيّما أن الزيارات بين العائلات والأصدقاء وإن عادت، إلّا أنها تراجعت عن طبيعتها إلى حدّ ما». ومن بين الشتول الأكثر مبيعاً أيضاً «شتلة الشربين، فقد عمد الكثيرون إلى استبدال شجرة العيد في منازلهم بتزيين هذه الشتلة كونها أقلّ كلفة، إذ يبدأ سعرها من 200 ألف ليرة».
ارتفعت مبيعات الألعاب بنسبة 30% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي


ولا تمرّ ليلة العيد من دون الضيف الذي يفرض نفسه على المائدة وهو حلوى حطب الميلاد المعروفة بـ«بوش دو نويل»، حتّى إنّها من الهدايا المحبّبة لدى غالبيّة العائلات. من هنا، لا يخفي صاحب باتيسري فيليب زغيب تفاؤله بوضع العمل في محلّه، ولا سيّما أن حجم الطلب كبير على حلوى حطب الميلاد، عازياً ذلك إلى أنّ ثمنها مقبول مقارنة ببقية الهدايا. ويشرح أن الموادّ التي تدخل في صناعة الـ«بوش دو نويل» من سكّر وزبدة وبيض وغيرها قد ارتفعت أسعارها. ولكن رغم ذلك لا يزال سعر تلك الحلوى مقبولاً، إذ يبدأ من 700 ألف ليرة ويمكن أن يصل إلى مليون و800 ألف ليرة حسب حجمها والزينة الموضوعة عليها، لذلك يفضّلها البعض حتّى على علبة الشوكولا التي يمكن أن يبلغ مثلاً سعر الكيلو منها 900 ألف ليرة.