لليوم الخامس على التوالي يسيطر الدخان الكثيف المشبع بروائح كريهة على مدينة صور ومحيطها بسبب حريق «مفتعل» ناتج من مكبّ نفايات تابع لبلدية العباسية الواقع في محاذاة المدخل الرئيسي لبلدة طيردبا بين بساتين الحمضيات من جهة الغرب، وغطّت الانبعاثات الكثيفة للدخان والروائح الكريهة بلدات العباسية طيردبا الشبريحا ومنطقة جل البحر والبص وصولاً إلى داخل أحياء مدينة صور التي نالت نصيبها الأكبر من احتراق المكب.
لا يسلم المارة من طريق عام بلدة طيردبا العباسية من تنشّق رائحة حريق مكبّ النفايات ولم يساهم سقوط مياه الأمطار بغزارة طوال يومين متتاليين في إطفائه بل ازدادت كثافة الدخان المنبعث والمشبع بكلّ أنواع الروائح التي طوّقت أكبر مستشفيين في منطقة صور ومئات المراكز الطبية والعيادات التي تتمركز بين منطقتَي البص وجل البحر.

وقد تفقّد نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء صور، حسن حمود، المكب واطّلع على الإجراء المتبع من قبل بلدية العباسية التي استقدمت جرافتين لإخماد النيران المندلعة فيه من خلال طمر النفايات بالتراب. واتهم جامعي الخردة بالتسبّب بالكارثة البيئية الناتجة من حرق المكب. وقال لـ«الأخبار» إنّ المكبّ «مستحدث منذ ست سنوات ولم يصدر عنه أيّ انبعاثات دخان أو حريق لأنّ البلدية تقوم بشكل دائم بطمر النفايات وما جرى لم يكن وليد صدفة». واعتبر أنّ «غياب أيّ خطة من قبل الدولة اللبنانية لمعالجة الأزمة الناتجة من النفايات والمكبات العشوائية أوصلنا إلى ما نحن عليه».

من ناحيته، اعتبر رئيس بلدية العباسية، علي عز الدين، أنّ «الكارثة البيئية الحاصلة هي بفعل فاعل لأنّ المكب منذ إنشائه لم يحترق». وقال «إنّنا بصدد تطوير المعمل وهناك هبة من اليونيفيل قضت بتقديم معدات تساعد البلدية على تطوير المعمل الخاص بفرز النفايات من أجل المساهمة في التخفيف من الضرر البيئي ولكن يبدو أنّ هناك من لم يرقه أن يكون هناك فرز للنفايات يحمي المواطنين بيئياً وصحياً»، داعياً القوى الأمنية إلى أن «تفتح تحقيقاً وتحاسب الفاعلين الذين تسببّوا بأذى لآلاف المواطنين من أبناء المنطقة والجوار».

إلى ذلك، طالبت بلدية طيردبا بوقف الكارثة البيئية المتمثلة باستمرار اندلاع النيران في مكبّ النفايات في منطقة الحمادية التابع لبلدية العباسية، والذي تنبعث منه السموم والروائح الكريهة والدخان، التي تسيطر على أجزاء من طيردبا وصور والبرج الشمالي والعباسية، منذ أكثر من خمسة أيام.

وأعلنت البلدية، في بيان بعد اجتماع استثنائي، أنّ «الوضع الناجم عن حرق النفايات المكدّسة في المكبّ المذكور، الواقع بين أشجار الحمضيات والموز، أصبح لا يُطاق، جراء ما يسبّبه من أذى لأهلنا وأبنائنا في المنطقة، لا سيّما أهالي بلدتنا طيردبا، الذين ينالون قسطاً كبيراً من هذه الكارثة، التي تؤثر على صحتهم وأعمالهم». وأهابت ببلدية العباسية «تحمّل مسؤولياتها بأقصى سرعة، والعمل الجاد للسيطرة على الحريق، وإلا فإنّنا سنقوم بكافة الإجراءات الميدانية والقانونية لحماية أهلنا من الأمراض التي تسببها الانبعاثات»، كما ناشدت وزارة البيئة واتحاد بلديات صور وقائمقام صور «تحمّل مسؤولياتهم تجاه هذه الكارثة».