تعيش عرسال منذ أكثر من ثلاثة أشهر من دون سلطة محلية، بعدما تقدّم سبعة أعضاء من مجلسها البلدي باستقالاتهم، ولم يُبتّ حتى اليوم بشأنها من قبل وزارة الداخلية والبلديات رغم تأكيد استقالاتهم وانقضاء كافة المهل القانونية.انتخب المجلس البلدي في عرسال، المؤلف من 21 عضواً، في العام 2016، وفقد ستة من أعضائه في أيلول من العام 2019 بعدما تقدّموا باستقالاتهم بسبب «خلافات مع رئيس البلدية باسل الحجيري». أكمل المجلس البلدي عمله بـ15 عضواً، لتتقدّم العضو البلدي ريما كرنبي باستقالتها في محافظة بعلبك الهرمل منتصف آب المنصرم، وبعدها بأسبوع تقدّم ستة أعضاء آخرين باستقالاتهم. أجريت الاتصالات من أجل عودة الأعضاء المستقيلين عن استقالاتهم من دون جدوى. وبموجب القانون فإن أي عضو يستقيل، ويؤكد استقالته، تصبح نافذة بعد شهر، حتى لو لم تُقبل من المحافظ.

مماطلة بحثاً عن حلول
مرّت الأسابيع ولم تنته الاتصالات، لا بل تسارعت وتيرة اللقاءات والطروحات والاجتماعات التي سعى بها كلّ من ابن البلدة النائب ملحم الحجيري، والشيخ بكر الرفاعي، إلا أنها باءت جميعها بالفشل، ومضت مهلة شهر أخرى ليعلن بشير خضر محافظ بعلبك الهرمل عن إحالة ملف بلدية عرسال إلى وزير الداخلية بتاريخ 11 تشرين الأول الفائت، ليتمّ البت بأمرها وإعلانها مستقيلة. مضت ثلاثة أسابيع على الإحالة، ووزارة الداخلية لم تبتّ بالأمر بعد. تركت البلدة التي هي بأمس الحاجة لسلطة محلية تدير شؤونها البلدية والخدماتية والصحية، وغاب عن الجميع أن البلدة تشهد موجة كوليرا في مخيمات النازحين السوريين وأزمات صرف صحي ومياه ونفايات تهدّد جميع القاطنين في البلدة.

(هيثم الموسوي)

مصادر مطلعة في عرسال أكدت لـ»الأخبار» أن التأخير الحاصل في البت بأمر بلدية عرسال «ليس بريئاً»، وأن «ثمة مماطلة من وزير الداخلية بسام المولوي إفساحاً في المجال أمام حلول بدأت تظهر ملامحها بالحديث عن عودة ثلاثة أعضاء من الذين تقدّموا باستقالاتهم وأكدّوا عليها في آب الفائت، عنها، وبالتالي عودة النصاب القانوني إلى المجلس البلدي بـ11 عضواً». وكشفت المصادر لـ»الأخبار» أن عودة الأعضاء الثلاثة عن استقالاتهم «لا مبرّر لها سوى أن تسوية ما عقدت مع رئيس البلدية، ذلك أن شيئاً لم يتغير في الظروف والأوضاع التي دفعتهم للاستقالة، الأمر الذي يرجح أنه مرتبط بتسوية مالية أو بتنفيعات شخصية في مكان ما».

تخطي المهل القانونية
الأعضاء الذين عادوا فعلاً عن استقالاتهم، بحسب رئيس البلدية باسل الحجيري، هم عبد الوهاب الحجيري وحسن زعرور ومحمد حسن الجباوي، علماً أن الحجيري يشير بدوره إلى أن «المهل القانونية انتهت»، وأن الأمر بات عند وزير الداخلية والبلديات «الذي يمكن أن يتخذ قراراً كاستثناء، بردّ ملف بلدية عرسال من وزارة الداخلية إلى المحافظة، وإذا حصل تفاهم على إبقاء البلدية نكون أمام عودة لعمل المجلس البلدي بأحد عشر عضواً». وهم، إلى الأعضاء الثلاثة ورئيس البلدية باسل الحجيري، نائب الرئيس نصرات رايد والأعضاء حسن الحجيري وأحمد حسين الحجيري ومحمد علي الحجيري ونزيه البريدي عبدالله عز الدين ومحمود آمون. إلا أن اللافت أن العضو الأخير سجل في لوائح الأمن العام اللبناني وعاد إلى بلدة فليطا لحيازته الجنسية الثانية السورية أيضاً، وذلك ضمن حملة العودة الطوعية للنازحين السوريين من بلدة عرسال.
هل يمكن اتخاذ قرار استثنائي بتجاوز المهل القانونية وعدم حلّ المجلس البلدي؟


مصادر مطلعة في عرسال رأت في تخطي المهلتين القانونيتين «سابقة خطيرة»، في حال اتخذ القرار وقبلت وزارة الداخلية والبلديات بعودة الأعضاء الثلاثة. ولفتت المصادر إلى معطيات لديها بأن الوزير يفكر بـ»قرار استثنائي»، والسؤال: «هل بإمكانه اتخاذ قرار كهذا في ظل وجود لغط قانوني ومعلومات عن دفع أموال للأعضاء مقابل عودتهم؟!».

الحاجة إلى بلدية
أياً يكن الجواب، الواقع يؤكد حاجة البلدة التي يبلغ عدد أبنائها أكثر من 40 ألف نسمة، وتستضيف بين ثنايا أحيائها أكثر من 70 ألف نازح سوري، منتشرين في 165 مخيماً، إلى تسيير أمورها. وهذا ما يؤكده رئيس البلدية حين يشكو من أن بلدية عرسال «علقانة، ولا نعرف ماذا سنفعل، لا يمكننا القيام بدورنا وليس هناك من يقوم بهذا الدور».
وبالفعل، فقد تولى مهام جمع النفايات ونقلها من أحياء البلدة منتصف آب الفائت، تاريخ تقديم استقالة الأعضاء، لجنة أهلية من أبناء البلدة وتواصل عملها حتى اليوم. وقد أكد النائب ملحم الحجيري لـ»الأخبار» أن عرسال «بأمس الحاجة إلى مجلس بلدي، وعلى وزير الداخلية اتخاذ القرار والجانب القانوني على ماذا ينصّ ينبغي أن تسير الأمور، فعرسال تعاني من سائر الأوضاع الحياتية والاقتصادية والخدماتية، وإذا ما طالت فترة عدم البت فسنكون أمام وضع خطير جداً في البلدة».