رسمياً، يحتفل مستشفى «أوتيل ديو دو فرانس»، غداً، بتسلّمه إدارة مستشفى «المونسنيور القرطباوي» ـــــ أدما، بعد تسلّمه إدارة مستشفى «سان شارل» في وقتٍ سابق، والذي يأتي ضمن خطة إطلاق شبكة المستشفيات الجديدة التابعة لجامعة «القديس يوسف» و«أوتيل ديو».
أرشيف (مروان طحطح)

عملياً، ترسم هذه الخطوة ملامح المرحلة المقبلة في قلب القطاع الاستشفائي، الذي يتّجه صوب خيارات جديدة من التعاطي مع الأزمة المالية الممتدّة منذ ثلاث سنوات، والتي تترجم اليوم بانطلاق حركة الدمج، حيث تعمد المستشفيات الجامعية الكبرى المقتدرة مادياً ولوجستياً إلى ضمّ المستشفيات الصغيرة أو المتوسطة التي تعاني من تعثّر مالي. وهو ما كان في حالة الدمج الأولى ما بين «أوتيل ديو»، و«سان شارل» و«القرطباوي».
ومن المتوقع أن لا يكون هذا «الحفل» هو الأخير، إذ سيفتح الباب على احتفالات دمجٍ أخرى في قلب القطاع الاستشفائي، خصوصاً في ظلّ ما تعانيه بعض المؤسسات من تعثراتٍ مالية تقف عائقاً أمام استكمال المهمة وحدها، إذ بحسب مصادر وزارة الصحة، ثمّة مستشفيات جديدة تدرس هذا الخيار، قبل أن تعلن عن الخطوة.

شكاوى بالجملة
مع ذلك، ليس الدمج أول الخيارات ولا آخرها، إذ إن هناك خيارات أخرى التجأت إليها بعض المستشفيات ومنها البيع. وقد أدّت الأزمة المالية، أخيراً، إلى انتقال ملكية مستشفيين هما «سان لويس» و«سان جورج ـ عجلتون» إلى مستثمرين جدد، بحسب مدير العناية الطبية في وزارة الصحة، الدكتور جوزف الحلو. ويبدو أيضاً أن هذا الاتجاه يمكن أن يتواصل فتطول لائحة انتقال ملكية المستشفيات، مع إعلان عدد منها عن عدم قدرتها على الاستمرار بالوضع الحالي، وهي توقّعات قد «تصحّ»، يقول الحلو.
لا يستبعد النقيب هارون اتخاذ بعض المستشفيات قرار الإقفال النهائي بسبب عجزها


لم تأتِ التوقعات من العدم، وإنما من «التبليغات التي تردنا إلى النقابة»، هذا ما يقوله نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون، منطلقاً من الشكاوى التي تشترك كلها في السبب نفسه: العجز عن الاستمرار. وبلغة الأرقام، يشير هارون إلى وجود 10 شكاوى «على الأقل من مستشفيات بلّغت بأنها لم تعد قادرة أن تكمل بهذه الحالة المادية». وإن كان مصير هذه المؤسسات لم يُحسم حتى اللحظة الراهنة، إلا أن هارون لا يستبعد اتخاذ البعض منها خيار الإقفال النهائي، بعدما فقدت القدرة على إدارة التوازن ما بين نفقاتها وبين مداخيلها، أو على حدّ تعبير هارون «فرق الكلفة»، والذي بات يقاس في بعض الأحيان بملايين الدولارات... مع ما يعنيه هذا الرقم من أزمات مصيرية إذا ما قورن الدولار بحال الليرة اليوم.

ثلاثة أسباب
وفي الحديث عن الأسباب التي أدّت للوصول إلى هنا، يسرد هارون ثلاثة أسباب رئيسية أسّست لتلك الخيارات: أولها، انحدار نسبة الإشغال في المستشفيات، حيث باتت نسبة 50% من الأسرّة خارج الخدمة «لأن المرضى لم يعودوا قادرين على دفع الفروقات الكبيرة التي يتكبّدونها في المستشفيات»، يقول هارون. وتترجم تداعيات هذا السبب في لجوء الكثير من المستشفيات إلى إغلاق أقسام فيها ودمج أقسام أخرى. أما بالنسبة إلى السبب الثاني، فهو ما يتعلق بكلفة المستلزمات الطبية التي خرجت كلّها من حلقة الدعم، و«أصبحت المستشفيات مجبرة على دفعها بالدولار الفريش أو سعر صرف السوق الموازية، حتى المستلزمات التي لم نكن نقوم بفوترتها باتت اليوم مرهقة، كالإبر والشاش والقفازات». وينسحب قرار رفع الدعم على «خدمات» أخرى منها الأكل الطبي وغير الطبي أيضاً.
وفي ثالث الأسباب تأتي أسعار المحروقات، وتحديداً المازوت، التي أصبحت أسعارها مدولرة. وفي آخر الدراسات التي قامت بها النقابة، تتخطى الكلفة التي تدفعها المستشفيات «أجور العاملين والموظفين، بحيث باتت توازي ضعفي هذه الأجور».