خلال الأيام الماضية، قطع أبناء بلدة بيت ياحون ( قضاء بنت جبيل) الطريق العام احتجاجاً على أزمة انقطاع المياه المتمادية في المنطقة. وطالبوا بـ«تأمين المياه المقطوعة عن البلدة منذ 11 شهراً»، بحسب أحد المعتصمين عباس رمضان.
وأعاد الأهالي سبب الانقطاع إلى «التوزيع غير العادل للمياه التي تصل إلى بلدات دون أخرى في المحيط نفسه». تلك الأزمة أجبرت الأهالي على شراء المياه بواسطة الصهاريج التي استغل أصحابها حاجة الناس ورفعوا سعر الحمولة الواحدة إلى أكثر من 700 ألف ليرة.

رئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي أقرّ بأنّ «البلدية لم تفلح في حلّ الأزمة برغم حصولنا على قساطل مياه بطول 1350 متراً من مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، لمدّ خط جديد من آبار السلوقي إلى البلدة. لكنّها لم تكن كافية. إذ نحتاج إلى 650 متراً إضافياً من القساطل غير المتوافرة حالياً». وأشار إلى «وجود إهمال وتقصير كبيرين من المعنيين ساهم في حرمان البلدة من المياه طوال السنة الماضية».

أزمة بيت ياحون انفرجت في بعض جاراتها بعد مدّ محطات الضخّ المرتبطة بها بالكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان أو من محطات الطاقة الشمسية. لكنّ البعض يشكو من أنّ «حلّ مشكلة عدد من البلدات المحظية جاء على حساب بلدات كثيرة أخرى».

وفي هذا السياق، تعهّدت القوى السياسية تأمين المياه للبلدات المحرومة من مشروع الطيبة، وهو ما لم يحصل بحسب أهالي بيت ياحون. في حين أنّ جاراتها تبنين والسلطانية وعيتا الجبل، على سبيل المثال، تحصل على حصتها كاملة منذ سنوات من آبار وادي جيلو في منطقة صور. في المقابل، كانت المياه تصل إلى أكثر من 13 بلدة في قضاء بنت جبيل، من آبار صدّيقين، لكن تمّ تحويلها منذ سنوات إلى بلدات أخرى في المنطقة، لتقطع المياه عن هذه القرى إلى أن تمّ تنفيذ مشروع مضخّة مياه شقرا، التي تصلها المياه من مشروع الطيبة المتعثّر بسبب تعطّل المضخّات أو بسبب انقطاع الكهرباء، ما يعني أنّ «أكثر من 500 مليون دولار أنفقت لتأمين المياه إلى بنت جبيل من دون جدوى، ومن دون أن يتمّ اختيار فريق عمل قادر على تأمين التوزيع العادل».

أزمة المياه تفاقمت في ظلّ استقالة المسؤول من قبل مؤسسة مياه لبنان الجنوبي قاسم أبو ذيب وشغور منصبه. وكادت مسؤولة دائرة بنت جبيل رشا بزي أن تحذو حذوه قبل أن تتراجع بعد تمنّي المرجعيات والبلديات.

يُذكر أنّه في نهر الليطاني أربع مضخّات قديمة وصغيرة لا يعمل إلا اثنتان منها، تضخّان حوالى 350 متراً مكعباً من المياه يومياً، عند توافر الكهرباء بشكل كامل. وهذه الكمية بحسب أحد الموظفين «لا تشكل 20 في المئة من الحاجة المطلوبة، لذلك لا يمكن توزيع المياه إلا على عدد قليل من البلدات». لذلك لجأت بلديات عدّة إلى حفر الآبار الأرتوازية مثل تولين، مجدل سلم، قبريخا (قضاء مرجعيون) التي حفرت الآبار بتمويل من الأهالي وزوّدتها بالطاقة الشمسية.

مخرج الآبار اتخذ منحى عشوائياً لا سيّما في محمية وادي الحجير حيث حفر فيها أخيراً أكثر من 16 بئراً إرتوازيّاً، عدد منها لضخ المياه إلى البلدات، تستفيد بلدة ميس الجبل وحدها من ثلاثة منها، إضافة إلى بئر آخر في البلدة، وعدد آخر هو لخدمة أصحاب المنتجعات السياحية والحدائق الخاصة. لذلك تعمل البلديات على تأمين الطاقة الشمسية لتشغيل هذه الآبار، وتقدّر تكلفة تشغيل بئر واحدة بما يقرب من 80 ألف دولار أميركي، وهو مبلغ لا تستطيع البلديات تأمينه إلّا من الجهات المانحة أو المتمولين.