تختنق صيدا وجوارها برائحة النفايات وسط تراكمها داخل معمل المعالجة جنوبي المدينة وفي الشوارع، في ظل توقف الآلات وإضراب العمال المتكرّر. لكنّ أزمة جديدة طرأت على ملف معمل معالجة النفايات في صيدا، ما ينذر بتفاقم مشكلة النفايات في المدينة لا سيّما على أبواب الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.
قبل يومين نفّذ عمال المعمل تحركاً احتجاجياً في وجه اتحاد بلديات صيدا الزهراني المشرف عليه، مطالبين برفع سعر معالجة طن النفايات الواحد (السعر الحالي 95 دولاراً) وربطه بسعر صرف الدولار الموازي. وتردّد أنّ مدير المعمل أحمد السيّد حرّض العمال على التحرك. لكن يُشاع أنّ مالكي الشركة المشغلة (ibc) يطرحون تملك الأرض التي شُيّد فوقها المعمل وهي جزء من الأملاك العامة البحرية، فيما معظم مالكي الشركة سعوديو الجنسية.

ويربط البعض النية المبيّتة بتقاعس الإدارة عن معالجة المشاكل التي تعرقل عمل المعمل منذ تسلم السيّد خلفاً لنبيل زنتوت. وكان الأخير قد اتهم في اتصال سابق مع «الأخبار» خلَفه بـ«إماتة المعمل لابتزاز الدولة ممثلة ببلدية صيدا للتنازل عن ملكية العقار البالغة 40 ألف متر مربع وتسجيله باسم الشركة في الدوائر العقارية، وأيضاً من أجل تعديل البند المالي بحيث يلزم الدولة بالدفع fresh money لقاء معالجة النفايات».

السيّد شكا للعمال - المضربين أصلاً بسبب عدم قبض رواتبهم المتأخرة منذ شهر - من تمنّع المساهمين السعوديين عن دفع سنت واحد منذ استلامه إدارة المعمل، بسبب حجز بنك «سرادار» لأموال الشركة الطازجة المحتجزة بسبب خلاف على تسديد قرض. و نقل السيّد عن رئيس الاتحاد والبلدية، محمد السعودي، موافقته على رفع بدل معالجة النفايات. وبمواجهة التهديد الذي يتلقاه العمال المضربون بالاستغناء عنهم وصرفهم، وجّهوا رسالة إلى السعودي يتوعدون فيها الإدارة بالتصعيد في حال أقدمت على ذلك «حتى لو استعانت الإدارة بالقوى الأمنية وحتى لو أدّى الأمر إلى الدم».

وقالت مصادر العمال لـ«الأخبار» إنّ «كل هذه الوعود قديمة وقد مللنا من سماعها، وعلى ما يبدو قرار إقفال المعمل قد اتخذ، ونصحنا المدير التشغيلي جوزيف كساب بالتفتيش عن عمل آخر. ويندم هؤلاء على «العمر الذي أمضوه في أصعب وأخطر مهنة من دون أيّ حماية، حتى الكمامة التي تقي روايانا من الروائح النتنة وعصارات النفايات السامة ومن غاز الميتان لم توفرها لنا إدارة المعمل».

وحالياً المعمل معطّل بالكامل، والنفايات العضوية والصلبة التي تنقلها شاحنات NTCC يتمّ رميها في الأرض المحاذية للمعمل قرب البحيرة، بعدما امتلأ حرمه بالنفايات غير المفرزة وغير المعالَجة.

وتغرق شوارع صيدا وأحياؤها السكنية بأطنان النفايات إذ إنّ الـNTCC المتعهدة جمع ونقل النفايات قنّنت عمليات الجمع بسبب اختناق المعمل بالنفايات وعجزه عن معالجتها.

وفي سياق متصل، أعلنت بلدية صيدا نيتها جمع نفايات المدينة ونقلها إلى موقع مجاور لمعمل النفايات بعد وصول قدرته الاستيعابية إلى الحدّ الأقصى، ما يعيق إدخال كميات جديدة.

واعتبر النائب عيد الرحمن البزري أنّ المطلوب «البحث عن حلٍ أكثر جدّية من أجل عدم الوقوع في هذه الكارثة البيئية مجدداً». وأشار إلى أنّ من واجب الشركة المتعاقدة مع البلدية لمعالجة النفايات القيام بواجبها خصوصاً أنها تلكأت عن القيام بأيّ معالجة متكاملة واكتفت بتجميعها دون أي معالجة على مدى أشهرٍ.