علا صوت الأهالي في مدرسة يسوع ومريم - الربوة، التابعة للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، احتجاجاً على استحداث «صندوق دعم المعلمين»، وهو نتاج اتفاق بين روابط المعلمين في المتن وكسروان مع أبرشية إنطلياس المارونية التي عمّمت على مدارسها ضرورة تغذية صندوق خاص خارج الموازنة المدرسية لدعم المعلمين في مواجهة الأعباء المعيشية الملحّة، ووجّهت المطرانية المدارس لتقاضي 40 دولاراً شهرياً عن كل تلميذ لتغطية المساعدة الاجتماعية للمعلمين وبدلات النقل وغيره.هذا التدبير تمسّكت به إدارة المدرسة، في بيان استعلائي وجهته للأهل بعد الحركة الاعتراضية، رغم انطوائه على مخالفات كثيرة:
- المخالفة الأولى: استناداً إلى القانون 515/96 والمرسوم 4564 الناظمين للموازنات المدرسية والعلاقة بين لجنة الأهل والإدارة، فإن الشؤون المالية للمدرسة تُبحث حصراً بين أعضاء اللجنة المالية، أي مندوبي لجنة الأهل والإدارة المدرسية، ولا تأتي من جهة راعية كأبرشية أنطلياس كما حصل في المدرسة، وليس للمعلمين مكان في هذا النقاش. كما يتوجب على مندوبي الأهل في اللجنة المالية نقاش الموضوع مع كامل الأعضاء ومع كل الأهالي في جمعية عمومية قبل الموافقة أو الرفض.
- المخالفة الثانية: لا يجوز قانونًا فرض أي مبلغ على الأهل خارج القسط المدرسي المحدد في الموازنة المدرسية والمقدمة إلى وزارة التربية كما أتى البيان على تحديد «المبلغ الواجب دفعه». وحتى لو كانت تغذية الصندوق إختيارية وغير ملزمة، يجب إدراجه ضمن إيرادات أخرى في الموازنة استنادًا إلى الاستشارة 75. وحكمًا وقانونًا لا يجب أن يكون بعملة غير العملة الوطنية.
- المخالفة الثالثة: أورد بيان المدرسة أعداد التلامذة (1808 نلاميذ) من بينهم أولاد المعلمين والعاملين المعفيين قانونًا من القسط (178 تلميذاً) وعدد المعلمين والموظفين (297 معلماً وموظفاً). ويكون بذلك عدد التلامذة الذين يدفعون الأقساط 1630 تلميذاً، وبحسب الإدارة يستفيد 530 تلميذاً من حسومات تقدمها المدرسة ونسبتهم 31.5% من دافعي الأقساط.
فرض مساعدة في مدرسة يسوع ومريم يوفر فائضاً بـ 35 ألف دولار


علماً أن الحسومات تأتي من بند في قسم المصارفات التشغيلية في الموازنة تحت عنوان «مساعدة التلامذة المحتاجين»، وتُجمع أصلاً من أقساط التلامذة الآخرين، وتكون عادة إعفاء العائلات المتعددة الأولاد من نسب محددة من القسط بين 10 و20%، وفي حالات قليلة للأيتام والمعوزين، علماً أن هذا الخفض يجب أن توافق عليه لجنة الأهل، وأن يُدرج في الموازنة في لوائح اسمية، ولا نعرف فعلاً إذا كان هذا الأمر صحيحاً في هذه المدرسة أم لا.
بحسبة بسيطة، نستنتج أن الأهالي الذين يدفعون القسط كاملًا وعددهم 1100 من دون حسومات، يدفعون قسطاً كاملاً عن نحو 100 تلميذ عدا المعفيين قانوناً، أي ما يقارب 10% من قيمة القسط يذهب لبند مساعدة التلامذة المحتاجين ليعاد توزيعه على 530 تلميذاً. المشاركة الاجتماعية هامة وضرورية. ولكن نسأل: هل كل الأهالي قادرون في ظل هذه الظروف على تخصيص نحو مليون ليرة كمساعدة للعائلات الأخرى؟ ألم يكن الأجدى التقشف وإلغاء هذا البند وفتح صندوق في الأبرشية لمساعد المحتاجين والمتعثرين ممول من جهات مانحة أو وزارة الشؤون الاجتماعية؟
- المخالفة الرابعة: إنشاء لجنة ثلاثية من الإدارة ولجنة الأهل والمعلمين لمراقبة الصندوق وتوزيع إيراداته هو أيضاً مخالف للقانون كون الصندوق بحد ذاته مخالف، ولا وجود له، ولا يجب على لجنة الأهل المشاركة فيه، وهو بصيغته المقترحة خارج الموازنة، يعفي المدرسة من التدقيق المالي والمحاسبي. فمبلغ 40 دولاراً أو ما يعادلها بالليرة سيشكل كتلة نقدية شهرية يمكن احتساب حجمها وهو نحو 65 ألف دولار من دافعي الأقساط فقط (1630 تلميذاً)، و100 دولار للمعلمين والعاملين (297) تعادل 30 ألف دولار، فيبقى فائض شهري يساوي 35 ألف دولار يغطي بدلات النقل (نحو 9.5 آلاف دولار شهرياً) وبضع مئات من الدولارات للمازوت (680 دولارا /ألف ليتر)، فيبقى فائض قيمته لا تقل عن 25 ألف دولار شهريًا في الصندوق.
وبما أن الصندوق خارج الموازنة، وبما أن المعلمين غير معفيين قانونًا، سيدفع أولاد المعلمين 40 دولاراً إسوة بغيرهم، والمعلم الذي لديه ولدان في المدرسة عمليًا سيتقاضى 20 دولاراً فقط كمساعدة اجتماعية. أما من لديه ثلاثة أولاد فسيدفع عشرين دولاراً، وسيرتفع الفائض الشهري المتراكم إلى 35 ألف دولار.
هذه هي لعبة المدارس التي تعمل لتسوية خارج الموازنة، وعلى لجان الأهل رفضها رفضاً قاطعاً، فالفائض الشهري وقيمته 35 ألف دولار يكفي رواتب وبدلات نقل ومساعدة اجتماعية شهرية لنحو 280 معلماً ومعلمة بمعدل سبعة ملايين ليرة للمعلم والموظف.
*باحث في التربية والفنون