خلال أسبوع واحد، شهد حرج السّفيرة في الضنّية ثلاثة حرائق اندلعت في أنحاء متفرّقة منه. الحرج الذي يُعدّ أكبر حرج للصنوبر البرّي في لبنان، تُقدّر مساحته بنحو 5 ملايين متر مربع.آخر حريق اندلع فيه كان أول من أمس، وقضى على قرابة 5 آلاف متر مربع من أشجار الصنوبر البرّي والسنديان، قبل أن يتمكّن عناصر الدفاع المدني ومركز أحراج الضنّية، بعد نحو 4 ساعات، من السيطرة عليه وإخماده، والحؤول دون اتّساعه وتمدّده باتجاه بقية أنحاء الحرج.
الحريق جاء بعد ساعات عدّة من تحذير المديرية العامة للدفاع المدني من «ازدياد مخاطر اندلاع الحرائق في الأماكن الحرجية»، وقبل ساعات من تحذير مماثل لدائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني، من «خطر اندلاع الحرائق في المناطق الحرجية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة».

قبل ذلك، كان عناصر الدفاع المدني ومركز أحراج الضنّية، بالتعاون مع جنود الجيش اللبناني وعمّال بلدية السفيرة، قد أخمدوا حريقيْن في الحرج، قضيا على أكثر من 7 آلاف متر مربّع من الأشجار الحرجية، أبرزها الصنوبر البرّي، ووسط ظروف صعبة جدّاً كونه لا طرقات داخل الحرج لتسهيل دخول آليات الدفاع المدني إليه، ولا برك مياه فيه للاستعانة بها عند الضرورة. غير أن اندلاع الحريق في الحرج الذي تحيط به ثلاث بلدات، هي السّفيرة وبطرماز وطاران، وتتقاسم الإشراف عليه، لم يكن بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لأن هناك أحراجاً وغابات أخرى في المنطقة لم تشهد حصول أيّ حرائق، ما أثار شكوكاً من أن تكون الحرائق مفتعلة. ما يدعم هذه النظرية هو أن الحرائق كانت تندلع، في كل مرة، في أكثر من نقطة داخل الحرج وفي توقيت واحد، ويُشتبه في أن من يقومون بهذه الأفعال هم من تجّار الحطب والفحم الذين شهدت أشغالهم ازدهاراً كبيراً مع اقتراب فصل الشتاء، خصوصاً مع لجوء عدد كبير من الأهالي إلى الحطب من أجل التدفئة، بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار المحروقات أخيراً، وباتت تفوق إمكاناتهم المادية المتواضعة.

وزاد الشكوك أكثر في أن تكون الحرائق مفتعلة، أن الأجهزة الأمنية والأهالي يتداولون أسماء معروفة من قبلهم، تحوم شبهات حولها، وأنها المُسبّب الرئيسي للحرائق، ما جعل عدداً من المهتمّين والناشطين يطالبون الأجهزة الأمنية والنيابة العامة البيئية بالتحرّك، من أجل وضع حدّ لهذا التعدّي على البيئة، وتدارك الأمور قبل فوات الأوان، وقبل إلحاق ضرر بحرج يُعتبر في نظر أبناء المنطقة «رئة الضنّية».