بعد سنتين من النقاشات العلمية، عدّلت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية مناهجها بنسبة تُراوح بين 25% و35% باتجاه تعزيز الجانب التطبيقي للمواد، مع إضافة اختصاصات جديدة. ومع أن التغيير يسعى إلى خلق فرص عمل جديدة للمتخرّجين، والتحول إلى «كلية منتجة»، إلا أنه حلّ كالصاعقة على كثير من الطلاب ممّن راودتهم مجموعة من التساؤلات: «هل ذهبت المواد الملغاة التي نجحنا فيها سدىً؟ وهل سنضطر لإعادة متابعة مواد نجحنا فيها بعد نقلها من سنة دراسية إلى أخرى؟ وكيف سنعوّض تراجع عدد الأرصدة في بعض المواد؟».رؤساء الأقسام، ولا سيما في الفرع الثالث للكلية، تركوا الطلاب بلا إجابات على هواجسهم، ما خلق حالاً من الارتباك والضياع سببها، بحسب عميد الكلية أحمد رباح، «تحريض الأساتذة والإدارة في الفرع الثالث، على وجه الخصوص، الطلاب على المناهج الجديدة لأنها لم تعجبهم».
إلى جانب قلقهم حيال المصير «الضبابي» للعام الجامعي، يخشى طلاب كلية الآداب على مصير السنوات الدراسية التي مضت بعدما سمعوا بتغيير المناهج. إحدى الطالبات في السنة الثالثة في قسم اللغة الفرنسية وآدابها قالت إنها جهدت خلال السنتين الماضيتين لتجتاز موادّها بنجاح وتتخرّج من دون تأخير، لكن نقل مواد نجحت فيها من السنة الأولى إلى السنة الثالثة، وإضافة مزيد من المواد بعد إلغاء بعضها وتقليص عدد الأرصدة في بعضها الآخر، «كل ذلك سيجعل تخرّجي هذا العام مستحيلاً».
إلا أن العميد طمأن الطلاب إلى أن المواد التي اجتازوها سابقاً ستكون من حقوقهم المكتسبة، أما المواد المتبقّية فسيجري تعديلها بمواد جديدة، مؤكداً أنه «لن يضطر أي طالب إلى إعادة مادة نجح فيها ولن يضيع حقه في الأرصدة التي جمعها من مواد ألغيت أو تقلّص عدد أرصدتها». وأشار رباح إلى أن العمادة تعد جدول معادلات تفصيلياً لتوزيعه على الاختصاصات للمحافظة على حقوق الطلاب، وتجنباً لأي ظلم قد يلحق بهم.
التغيير أثار قلق الطلاب بشأن مصير الموادّ التي درسوها


وفق رباح، المناهج الجديدة «حاجة للكلية وستصبّ في مصلحة الطلاب، لكونها ستواكب التطورات العالمية على مستوى كليات الآداب»، وقد «استأنسنا»، بالانفتاح العالمي من جديد على العلوم الإنسانية من جهة، وبما قدّمته كليات الآداب حول العالم من تجارب جديدة من جهة ثانية. إلى ذلك، «تربط المناهج المستحدثة المواد بسوق العمل ومتطلباته من أجل منح فرص جديدة للمتخرّجين لم تكن متاحة لهم في السابق». أما الهدف الثالث فهو تحويل آداب «اللبنانية» إلى كلية مُنتجة تدرّ الأموال للجامعة وتُسهم في موازنة كلية التربية، على غرار ما تفعل كليات الطب. كيف ذلك؟ يجيب رباح: «نعيش في لبنان على بحر من الآثار، وهناك بعثات عالمية تدفع أموالاً للتنقيب عنها، ويمكن لأساتذة قسم الآثار في الكلية وطلابها أن يشاركوا في عملية التنقيب. أما على صعيد قسم علم النفس، فسنفتتح مراكز للمعاينة والإرشاد النفسي في مختلف فروع الكلية وسيُسهم الأساتذة والطلاب الحائزون الماجستير والذين يُمنحون إذن مزاولة مهنة من وزارة الصحة في تشغيل هذه المراكز بما يعود بالربح على خزينة الجامعة اللبنانية. كذلك ستفتتح الكلية مركزاً للترجمة وسنسعى ليكون المترجم الأساسي للدولة، فتُحول الأموال إلى الأساتذة والجامعة بدل تحويلها إلى الشركات الخاصة.