لم يمرّ الكتاب المرسل من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، اليوم، إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، والذي طلب منه فيه، بوصفه القائم بأعمال بلدية الميناء المُنحلّة، «ممارسة الصلاحيات في قمع المخالفات الحاصلة على الكورنيش البحري» في المدينة، بلا ردود فعل، أغلبها جاء رافضاً أو مستغرباً.
مولوي برّر خطوته بأنها جاءت بعد «توافر معلومات إلى وزارة الداخلية والبلديات حول تزايد الأعمال المنافية للآداب في الموقع المذكور، إضافة إلى حصول تجاوزات عبر رفع صوت الموسيقى من السيارات المركونة على طول الكورنيش، ووضع كراسٍ وطاولات على الممر المخصص للتنزّه».

وبناءً على ذلك، طلب مولوي من نهرا «تكليف الشرطة البلدية بتسيير دوريات على طول الكورنيش البحري، للتشدد في قمع المخالفات وتحرير محاضر ضبط عند أي مخالفة».

خطوة إزالة المخالفات عن كورنيش الميناء ليست جديدة، فمنذ إنشائه في ثمانينات القرن الماضي، وتحوله إلى متنفّس لأهالي الميناء وطرابلس والشمال، ومتنزّهٍ لهم، كانت لا تمرّ سنة من غير صدور قرارات بلدية أو وزارية تعمل على إزالة مخالفات ازدحم بها الكورنيش، من بسطات وخيم، عدا عن وضع طاولات وكراسٍ على شكل استراحات ومقاهٍ شعبية، كان الكورنيش، الذي يبلغ طوله نحو 7 كيلومترات، يزدحم بها.

طيلة السنوات المنصرمة كانت عمليات كرّ وفرّ تجري كلّ حين بين القوى الأمنية وشرطة البلدية من جهة، وأصحاب المخالفات من جهة أخرى، كلما حاولت هذه القوى إزالة المخالفات.

ويبرّر أصحاب البسطات والعربات والخيم والمقاهي الشعبية مخالفاتهم بأنها «تُشكل مورد رزقهم الوحيد» لهم ولعائلاتهم، متهمين القوى الأمنية وجهات سياسية بأنها «تقوم بهذه الحملات من أجل إزالة المخالفات، استجابة لطلبات من أصحاب مقاهٍ ومطاعم واستراحات حديثة، أقيمت أخيراً على طول الكورنيش، وشكواهم من أن هذه المخالفات تُشكل منافساً غير مشروعٍ لهم».

إزالة هذه المخالفات كانت في حقيقتها تهدف إلى إعادة تأهيل الكورنيش وفق مشروع مموّل من «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، وهو مشروع أقرّته بلدية الميناء في أواخر عام 2017، لكنه لاقى اعتراضات واسعة، منها تلك التي صدرت في حينها عن «الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء»، التي أعلنت تحفّظها على المشروع لأنه برأيها «يفتقر إلى رؤية واضحة، ويغيب عنه كلياً البعد الاجتماعي، كما أنه جاء معزولاً عن محيطه ونسيجه الاجتماعي، ومن خارج سياق المخططات السابقة، على رغم أنه يتطرق إلى ضرورة استكمال بقية العوامل والمخططات العمرانية والاقتصادية والاجتماعية».

البلدية نفت في حينها هذه التّهم، وردّت بـ«أن تأهيل الكورنيش يهدف إلى تنظيمه على نحو أفضل، وبأن ذلك لن يكون سبباً في قطع أرزاق مئات العائلات التي تعتاش منه، لكن سيتم تنظيم البسطات والعربات بعيداً من الفوضى والعشوائية».

لم يطل الأمر كثيراً حتى عادت البسطات والعربات والاستراحات بشكل تدريجي إلى كورنيش الميناء مجدداً، مستغلةً حلّ بلدية الميناء في حزيران 2020 نتيجة انقسامات وخلافات داخلية، ووضعها في عهدة محافظ الشمال، قبل أن يصدر الوزير مولوي قراره اليوم بقمع المخالفات القائمة على الكورنيش.

ردود فعل أصحاب البسطات والعربات على كتاب مولوي جاءت بمعظمها رافضة، بينما كانت ردود فعل المواطنين متباينة. صباح المصوّل طلبت «منع صعود الدراجات النارية، التي تمرّ مسرعةً وتتسبب بالإزعاج، على الكورنيش». وفي ذات السياق، رأى حسام المير أن القرار «جاء متأخراً»، شاكياً من «أصوات الموسيقى المرتفعة طوال الليل، ومن السكر والدعارة والتحشيش وإطلاق النار بعد منتصف الليل».

في المقابل، سأل موفق صيداوي: «ألا يوجد أعمال منافية للآداب إلا على كورنيش الميناء، ماذا عن الشاليهات؟ طبّقوا القانون في كل لبنان». كذلك، اعتبرت نازك الحسن أن الدولة «ما بتشوف إلا الفقير يلي عامل بسطة حتى يطعمي عيلته. روحوا شوفوا المخالفات في المنتجعات وغيرها»، داعيةً إلى «تنظيم الكورنيش بدلاً من ذلك». وأيضاً، سأل محمد المصري الوزير: «وماذا عن السرقة والتشليح بالليل وفقدان الأمن والأمان في طرابلس والميناء ليلاً، وعدم التزام أصحاب المولدات بالقرارات وتسعيرة وزارة الطاقة». وفي ذات الإطار، لفتت سلام حيدر إلى أن وزير الداخلية «قاطع الطريق أمام بيته»، متسائلةً: أليست هذه مخالفة؟».