مع انقطاع علاجات عضات الكلاب و لسعات الحشرات السامة، لجأ الجنوبيون إلى قوات اليونيفيل التي تؤمّن في كثير من الأحيان الأدوية واللقاحات المفقودة في ظل الأزمة الاقتصادية. وفي الأطراف والقرى النائية، يعدّ احتمال تعرّض السكان للأذى من الحشرات والزواحف السامة أو من الكلاب والحيوانات البرية، أعلى منه في المدن.
وتوالت أخيراً الحوادث التي تعرّض فيها مواطنون للأذى مع تأخر تأمين العلاجات المناسبة. وفي حالة الطفلة زهراء طليس من بريتال، عمدت وزارة الصحة العامة إلى تأمين الحقن الضرورية لعلاجها من لسعة العقرب، من سوريا ومن قوات اليونيفيل في الجنوب. وهذا الاستنجاد باليونيفيل لم يكن الأول، ولن يكون الأخير.

فالقوات المتعددة الجنسيات المنتشرة جنوبي الليطاني بين أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، تدير مراكز طبية مجهزة بعلاجات لكافة الأمراض. ويستغني جيران مقرّات اليونيفيل هذه، منذ عقود، عن كثير من خدمات الدولة الصحية، لا سيما في ظل الاحتلال الإسرائيلي والتهميش الذي طال البلدات بعد التحرير. لذلك، فقد كانت المستوصفات الأممية خيارهم الأول في أزمة الدواء الراهنة.

وبحسب أحمد عطوي، أحد المقيمين في مركبا- قضاء مرجعيون، فالأمر «خطر جداً في القرى والحقول. وجميع الأهالي معرّضون للإصابة وحتى الموت من حالات مماثلة». ويستحضر عطوي تجربة أحد المواطنين الذي تعرّض قبل ثلاثة أسابيع لعضّة كلب، قائلاً: «لم تتمكن المستشفيات من تأمين العلاج اللازم له، إلى أن استعان ذووه بالوحدة الهندية في القطاع الشرقي».

وقبل الأزمة الراهنة، كان كثير من الجنوبيين يفضلون تناول الأدوية المتوافرة في مستوصفات اليونيفيل. فهم يظنون أنها «أصلية» و«أكثر فعالية»، نظراً إلى الشائعات المنتشرة حول الغش والفساد التي طالت الأدوية في لبنان أيضاً. في السياق، يلفت الناشط في الصليب الأحمر اللبناني علي سعد، إلى أن «إدارة المستشفى الميداني في الناقورة تتلقى عشرات الاتصالات أسبوعياً، من أجل تأمين الأدوية واللقاحات الضرورية لمعالجة حالات طارئة».

ونظراً إلى أن سعد هو ابن بلدة تبنين، فهو يتابع بحكم مقرّ إقامته وعمله يومياً، الحالات الإنسانية الحرجة مع قوات اليونيفيل، في حال عدم قدرة وزارة الصحة والمستشفيات اللبنانية على تأمين الأدوية والعلاجات المناسبة.

وفي حين يؤكد سعد بأن اليونيفيل تلبّي النداءات بالفعل، يلفت إلى أن المستشفى الميداني في الناقورة بدأ بتقنين توزيع الأدوية، مع تزايد الطلب من المدنيين، فيما أولويته طبابة العسكريين والموظفين لدى اليونيفيل. ويتابع: «أصبحت إدارة المستشفى تطلب تقارير طبية، تؤكد أن الحالات التي تطلب الأدوية هي حالات طارئة وخطيرة، لأن الأدوية الموجودة محدودة ولا يمكن في الوقت الحالي تأمينها لكل من يحتاج إليها».

وخلال الأسابيع الماضية، تم تأمين اللقاحات اللازمة من مستشفى الناقورة لأكثر من 15 مواطن تعرّض لعضّة كلب. وبشكل رسمي، راجعته الوزارة بخصوص حالات أخرى وحصلت على 10 لقاحات. ويلفت مصدر في الكتيبة النيبالية العاملة في القطاع الشرقي، إلى أن «الأهالي المصابين بدأوا يتهافتون بكثرة الى مراكز قوات اليونيفيل خلال الشهرين الفائتين، وبعض هذه الحالات من مناطق خارج نطاق اليونيفيل مثل كسروان والكرنتينا».

ويتابع المصدر: «استطعنا تقديم العلاجات لها، لكن الكتائب الهندية والنيبالية والصينية توقفت مؤخراً عن تقديم أي علاج للأهالي، بسبب نفاد الأدوية وعدم القدرة على تأمين البديل عنها، بسبب إقفال المطارات بعد إعادة انتشار وباء كورونا».

كذلك أكد المصدر حرص حَفظة السلام على «العمل بجهد للحصول على الأدوية وتقديم المساعدات اللازمة»، مشيراً إلى أنه ليس باستطاعة اليونيفيل تأمين العلاجات لكل من يتعرّض للدغة أفعى أو لسعة عقرب أو عضة كلب. ويضيف: « يتطلب الأمر دراسة كل حالة بحسب الأولويات التي تتناسب مع عدد اللقاحات المتوفرة. لذلك، بدأ العديد من الأهالي يطالبون بإعادة افتتاح المستشفيات الميدانية التي كانت قوات اليونيفل قد افتتحتها بعد حرب تموز».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا