عقب انفجار المرفأ في الرابع من آب العام الماضي، تلقّت نقابة الأطباء في بيروت هبة مالية من نقابة الأطباء في فرنسا قُدّرت بنحو مئة ألف يورو لإصلاح الأضرار التي لحقت بمبناها. ولزّمت النقابة إحدى الشركات أعمال صيانة الألومينيوم في المبنى وفق عقد بلغت قيمته نحو 145 ألف دولار، تدفع النقابة 10% منها على أساس 4000 ليرة للدولار الواحد. وتضمّن العقد نصّاً يلزم الشركة «دفع غرامة مقدارها 1500 دولار عن كل يوم تأخير، ولا تحتسب أيام التعطيل القسرية الناجمة عن القوة القاهرة بسبب ظروف طارئة لا يمكن توقّعها (...) أو بسبب طلب النقابة إجراء تعديلات في العمل خلال التنفيذ».في 8 حزيران الماضي، نبّه تقرير لشركة APAVE المُكلّفة الإشراف على تطبيق الاتفاق إلى أن الشركة الملتزمة تأخّرت 13 يوماً في إنهاء الأعمال بعد احتساب أيام العطل القسرية، ولفت إلى أن من حقّ النقابة المطالبة بتطبيق البند الجزائي الذي يُلزم الشركة بدفع عشرين ألف دولار بسبب هذا التأخير. إلا أن النقيب شرف أبو شرف، بحسب عدد من الأطباء، «تخلّى عن هذه الأموال ولم يعرض الأمر على مجلس النقابة». أكثر من ذلك، «فإن مكتب مجلس النقابة الذي يضم النقيب ونائبه وأمينَي الصندوق والسر، وفور إصدار قانون تمديد المهل وتأجيل الانتخابات، أعاد تلزيم الشركة نفسها أعمال صيانة جديدة بقيمة ستة آلاف دولار فريش، أي ما يعادل معاشاً تقاعدياً لـ120 طبيباً (المعاش التقاعدي للطبيب مليون و200 ألف ليرة شهرياً)، أو معاشاً تقاعدياً لطبيب واحد على مدى 11 عاماً». وتؤكد مصادر إدارية داخل النقابة أن قرار إعادة التلزيم «تمّ بشكل شبه سرّي ومخالف للقانون. إذ لم يتم عبر تنظيم مناقصة ومن دون إعلام مجلس النقابة، علماً أن صلاحيات مكتب المجلس تنحصر بتنفيذ قرارات المجلس وتحديد جدول أعماله». ولفتت إلى أن «عملية التلزيم الأولى أحاطت بها شكوك وشبهات وتنفيعات. وما أقدم عليه مكتب المجلس أخيراً يُعزّز هذه الشكوك».
تخلّت النقابة عن المطالبة بما يعادل معاشاً تقاعدياً لـ120 طبيباً


وعبّر عدد من الأطباء في مجموعات على «واتساب» عن الامتعاض من دفع أموال «بالدولار الفريش لشركة خالفت نصوص العقد وأخلّت بالاتفاق. فيما عزا أبو شرف، في اتصال مع «الأخبار»، تأخير تسليم الأعمال إلى «تأخّر البنك في صرف الأموال المستحقة للشركة»، لافتاً إلى أن المكتب القانوني للنقابة لم ينصح بالدخول في نزاع قانوني، «خصوصاً أن التأخير لم يتعدّ أسبوعين ولم يُلحق ضرراً طالما أن الأعمال مُنجزة بشكل جيّد». لذا، ارتأت النقابة أن «تتسامح مع الشركة التي قدّمت أرخص الأسعار في المناقصة». وعن إعادة تلزيم الشركة نفسها أعمالاً إضافية، أشار إلى أن هذه الأعمال لم تكن ملحوظة في العقد الأساسي وقُدرت كلفتها بستة آلاف دولار، وعليه تم تنظيم عقد إضافي»، عازياً هذا «التصويب» على النقابة إلى «أغراض انتخابية».
إلا أن أحد أعضاء مجلس النقابة وصف ما حصل بـ «التساهل غير البريء»، مُشيراً إلى أن تأخّر المصرف في صرف الشيك «لا يبرّر التأخّر في تسليم الأعمال، وتنظيم عقد آخر من دون الرجوع إلى المجلس يعزز الشكوك»، متسائلاً عن «طبيعة تلك الأعمال التي لم يلحظها عقد التلزيم الأول» و«لماذا لم يتم التفاوض للوصول إلى مصالحة تقضي بالقيام بالأعمال الجديدة مقابل، مثلاً، التسامح في غرامة التأخير؟». علماً أنّ هذا «التسامح» يأتي في «وقت حرج تحتاج فيه النقابة إلى خطط لتدارك الإفلاس الذي يتهدّدها (...) ونحن في أمسّ الحاجة إلى كل ليرة وكل دولار لوضع سياسات إنقاذية تحفظ كرامة الأطباء».