نشاط لافت في خضمّ الأزمة شهده قطاع تأجير السيارات، بحكم الإقبال الكبير من المغتربين اللبنانيين والسيّاح، وخصوصاً العراقيين. إقبال أنعش سوقاً عانى من شلل شبه كامل منذ أواخر عام 2019، ما أدى إلى إفلاس نحو 25% من شركات تأجير السيارات خلال أشهر فقط. غير أن هذا «الازدهار» المؤقت يخفي جمراً تحت الرماد، ومخاوف جدية من اندثار هذا القطاع بعد انقضاء الصيف ومغادرة المغتربين والسياح.وكانت الأزمة الاقتصاديّة والنقديّة، وما رافقها من تفشّ لفيروس كورونا، قد أثّرت بشكل كبير على سوق تأجير السيارات الذي كان بين أكثر القطاعات تضرراً، إذ وصلت نسبة الأعمال في مراحل معيّنة العام الماضي إلى 0%. وهو أمر مفهوم في قطاع يتّكل أساساً على السيّاح والمغتربين «الذين يشكلون 96% من زبائنه»، بحسب إحصاءات نقابة أصحاب شركات تأجير السيارات السياحية الخصوصية.
مع بداية 2021، بدأت الأعمال تشهد تحسّناً تدريجياً بلغ ذروته مع حلول الصيف. ووفقاً لنقيب أصحاب شركات تأجير السيارات السياحية الخصوصية محمد دقدوق، «تراوحت نسبة التشغيل بداية السنة بين 10% و15% فقط، وكنا نؤجر السيارات حينها بأقل من 60% من السعر الذي كنا نتقاضاه قبل 2019، بهدف الصمود والحفاظ على شركاتنا وموظفينا». وبدأ السوق يشهد انتعاشاً منذ منتصف نيسان وحلول عيد الفطر، فـ«ارتفعت نسبة التشغيل إلى حدود 70%». ومع بدء الصيف، انعكس قدوم عشرات الآلاف من المغتربين والسياح نشاطاً لافتاً في أعمال شركات تأجير السيارات، و«وصلت نسبة التشغيل في تموز الجاري إلى حوالى 85%، ونتوقع أن تستمر كذلك حتى نهاية آب. أما الأسعار حالياً فعادت إلى قيمتها الفعليّة التي كنا نتقاضاها قبل 2019». دقدوق لفت إلى أن «نسبة التشغيل كان يجب أن تصل إلى 100% كما جرت العادة في كل صيف قبل 2019، لكن أزمة المحروقات أضرّت بأعمالنا بشكل كبير ودفعت بالكثير من الزبائن إلى إلغاء الحجوزات. كنا نشتري البنزين من السوق السوداء لتفويل السيارات قبل تسليمها، وبعد يومين يتصل بنا الزبائن ويطلبون منا استرداد السيارة لأنها مقطوعة من البنزين. وفي أحيان كثيرة، كنا نضطر إلى الاستعانة برافعات، ما عرّضنا لخسائر كبيرة».
أسطول الشركات تراجع من نحو 20 ألف سيارة عام 2018 إلى نحو 13 ألفاً حالياً


يلفت دقدوق الى أن الشركات «تتقاضى كلفة إيجار السيارات حالياً بالدولار النقدي أو بالليرة اللبنانيّة وفق سعر الصرف اليومي. أما الطلب فيشمل السيارات من كل الأنواع والأحجام»، مشيراً إلى أن «أسطول الشركات تراجع من نحو 19900 سيارة عام 2018 إلى 13 ألفاً تقريباً حالياً، وهو ما ساهم في زيادة الطلب، مع العلم بأن أغلب شركات تأجير السيارات باعت السيارات الكبيرة لسداد سنداتها، و20% منها فقط احتفظت بسيارات كبيرة». وحذّر من أن «تناقص الأسطول مسألة خطيرة للغاية وقد تودي بالقطاع إلى الهاوية في حال عدم اتخاذ إجراءات سريعة. فنسبة تحديث الأسطول لم تتعدّ 1%، ومعظم الشركات لا قدرة لها على شراء سيارات جديدة في ظل توقف المصارف عن الإقراض. وقانونياً، كان يحق لنا استخدام السيارة لمدة 3 سنوات من تاريخ وضعها في السير، مُدِّدت إلى 5 سنوات عام 2019 بمرسوم صدر عن حكومة الرئيس حسان دياب. وفعلياً، لم نشتر أي سيارة خلال عامَي 2020 و2021، وبالتالي، فإن أحدث سيارات الأسطول يعود تاريخ وضعه في السير إلى عام 2019. أي أن السيارات التي وضعت في السير عام 2016 أصبحت خارج الخدمة، وتلك التي وضعت في السير عام 2017 صالحة للاستعمال لمدة 4 أشهر فقط. أما التي وضعت في السير عامَي 2018 و2019 فعددها لا يتخطّى 5 آلاف. وفي حال عدم إيجاد حلول سريعة لتسهيل الاقتراض أو تمديد مهل صلاحية سير السيارات، فعلى القطاع السلام»!