برغم المخاوف من تجدّد الفوضى التي شهدتها مدينة طرابلس لأيّام، وتحديداً أول من أمس، الذي وُصِف بـ«الأربعاء الأسود»، أسهمت الإجراءات والتدابير المشدّدة التي اتخذها الجيش اللبناني، والتعزيزات العسكرية التي استقدمها، في إعادة الهدوء إلى المدينة التي غابت عنها، اليوم، مظاهر الفوضى.
وباستثناء قيام محتجّين برمي حاويات نفايات وسط الطريق الرئيسي عند مدخل سوق الخضار المركزي في المدينة لجهة الجامع الناصري، وقطعه لبعض الوقت، لم تشهد طرابلس، اليوم، أيّ مظاهر احتجاجية. وقد أُلغيَت المسيرة التي جرى الإعلان عنها عبر بعض منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كان أصحابها يريدون تنظيمها في منطقة باب التبّانة للضغط من أجل إطلاق سراح الموقوفين في الأحداث الأخيرة. وبدت شوارع المدينة اليوم شبه فارغة من السيّارات والمارّة، باستثناء محطات المحروقات التي شهدت، كالعادة، ازدحاماً كبيراً.

إلغاء مسيرة اليوم سبقها إعلان رئيس بلدية طرابلس، رياض يمق، تأجيل الوقفة الاحتجاجية التي كانت مقرّرة ظهر أمس الخميس في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النّور)، بشأن «رفع الصوت عالياً رفضاً للأوضاع الاقتصادية المزرية وغياب الدولة بكل مرافقها وانهيار الليرة اللبنانية والارتفاع الجنوني للأسعار»، مبرّراً التأجيل بـ«الظروف الأمنية والاقتصادية والتطوّرات المتسارعة في طرابلس».

وفي هذا السياق، أوضح يمق أنه جرى الاتفاق على «عقد اجتماع موسّع لكل القيادات المعنية يحدد مكانه وزمانه لاحقاً، لتدارس الخطوات المقبلة للمطالبة بحقوق طرابلس وصون كرامة أهلها»، لافتاً إلى أن قرار تأجيل الوقفة الاحتجاجية أتى «بعد التشاور مع القيادات والفاعليات في دار الفتوى والمطرانيات وغرفة التجارة والصناعة والزراعة ونقابات المهن الحرّة، والنقابات الاقتصادية والعمّالية وجمعيات التجار، والجمعيات الخيرية والإنسانية والثقافية والكشفية والرياضية وهيئات المجتمع المدني».

وقد تزامن إلغاء المسيرة وتأجيل الوقفة، أمس، مع وصول قائد الجيش، العماد جوزيف عون، إلى طرابلس يرافقه رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم على متن طوافة عسكرية، لتفقد الأوضاع الميدانية في المدينة، في زيارة مفاجئة بعد التوترات التي شهدتها طرابلس خلال الأيام الماضية.

وخلال زيارته، أكد لأهالي طرابلس بعد لقائه كبار الضبّاط والعسكريين، أنه من «غير المسموح لأيّ كان المسّ بأمن مدينة طرابلس، ولا تساهل أو تهاون مع من يعبث بالاستقرار كائناً من كان»، وتوجّه للطرابلسيين بالقول: «نحن منكم، ووجعكم وجعنا، وأمنكم أمانة في أعناقنا، واستقرار المدينة مسوؤليتنا جميعاً».

ومن جهته، تمنّى الرئيس السابق لهيئة العلماء المسلمين في لبنان، الشيخ سالم الرافعي، في كلمة مصوّرة ومسجّلة بثّت على منصّات وسائل التواصل، نظراً لوجوده في تركيا للمشاركة في مؤتمر إسلامي، على «شباب أهل السّنة في طرابلس أن لا يخرجوا في تظاهرات بعد صلاة الجمعة اليوم ضدّ الجيش، وأن لا ينجرّوا إلى صراع خاطئ في مواجهة الجيش»، متخوّفاً من إمكانية «وجود مغرضين».

وقد حذّر الرافعي من الاستجابة لـ«بعض المغرضين من أجل قتال الجيش»، واصفاً ذلك بـ«الخطأ الكبير». كما حذّر من الذين يريدون «زرع فتنة والإيقاع بين أبناء طرابلس والجيش اللبناني»، معتبراً إياه «صمّام الأمان، وهو ضحية مثل سائر الناس».