استفاق الطرابلسيون صباح اليوم على نكبة جديدة أصابت مدينتهم، ذلك أن أعمال الشغب والعنف والاحتجاجات التي عمّت المدينة أمس، ألحقت بها أضراراً معنوية ومادّية كبيرة.
تكفي جولة سريعة في بعض شوارع وساحات طرابلس للتّأكد من حجم الأضرار التي خلّفتها احتجاجات الليلة الماضية، والاعتداءات من قبل محتجّين على مؤسّسات رسمية، وتحديداً فرع مصرف لبنان في المدينة ومبنى السرايا المجاور ومقرّ فصيلة قوى الأمن الداخلي في محلة التلّ.

ولم تنحصر الاعتدات بالمقرّات الرسمية، إذ طالت كذلك، مصارف ومطاعم ومحال تجارية وسيارات وإشارات سير، قبل أن يصطدم محتجون بمناصري وحرس منازل بعض نواب المدينة، وهو ما أدى إلى سقوط جرحى جرّاء التصادم بين الطرفين.

ومع أن أعمال شغب أمس تُعدّ الأعنف منذ احتجاجات 28 كانون الثاني الماضي، ومنذ انطلاق شراراة الحراك الشّعبي في 17 تشرين الأول 2019، لمّا أقدم محتجّون مطلع العام الجاري على إحراق مبنى بلدية طرابلس ومبنى المحكمة الشرعية الكائن داخل سرايا طرابلس، فإن أخطر ما تخلّلها كان المواجهات المباشرة بين محتجّين والجيش اللبناني، والظهور المسلح في بعض أحياء المدينة الداخلية.

وتمثّلت هذه الخطورة في اعتداء محتجين على عناصر من الجيش، ورمي قنابل مولوتوف باتّجاههم، فضلاً عن رشقهم بالحجارة، ما أسفر عن إصابة 10 عناصر من الجيش بجروح، وفق ما أوضحت مديرية التوجيه في الجيش في بيان أشارت فيه إلى إصابة 9 عسكريين في منطقة التلّ، وعنصر عاشر في شارع الجميزات، «بعدما أقدم شبّان يستقلون دراجات نارية على رمي قنابل صوتية باتجاه قوة من الجيش كانت تعمل على حفظ الأمن أثناء احتجاجات شهدتها المنطقة، ومنع التعدّي على الأملاك العامة والخاصة».

اعتداءات أمس استكملت اليوم بإطلاق مجهولين النّار من سلاح حربي على واجهة مطعم أبو صبحي للشّاورما، الواقع على طريق الميناء، فأصابت رصاصتين واجهة المطعم الزجاجية، من غير أن يُصاب أحد بأذى كون المطعم لا يزال مغلقاً منذ مساء أمس، بسبب إشكالات وقعت أمامه بين محتجّين وعمال المطعم الذين رفضوا الاستجابة لطلب إقفال المطعم، ما أدى حينها إلى سقوط جريحين.

هذه الاعتداءات التي طالت أملاكاً عامة وخاصة في طرابلس، وعناصر من الجيش، دفعته منذ ليل يوم أمس وبعد استقدام تعزيزات إلى المدينة، لتسيير دوريات وانتشار عناصره في نقاط محددة في شوارع وساحات المدينة، قبل تنفيذه مداهمات عدّة بحثاً عن مطلوبين ومشتبه بهم بأحداث أمس في منطقتي باب التبانة وباب الرمل، حيث أوقف بعضاً منهم.

وفي خطوة تعكس استياء شرائح واسعة من أبناء طرابلس ممّا حصل ليل أمس، ومن «دخول مجموعات على خط الإحتجاج السلمي على انهيار سعر صرف الليرة، وحرفه عن مساره»، أعلنت مجموعات أطلقت على نفسها اسم «أبناء مدينة طرابلس» دعوات للتجمع عند الساعة السادسة من مساء اليوم في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النّور) «تضامناً مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية».