للوهلة الأولى، يظن من يمرّ في شوارع منطقة المنية أن أزمة النفايات التي عصفت بالمنطقة منذ سنتين بعد إغلاق مكب عدوة قد انتهت. الشوارع اليوم باتت تخلو من القناني البلاستيكية والمشروبات الغازية، التي وجدت من يجمعها ليس بدافع النظافة، بل بدافع بيعها.
قبل أن تطلّ أزمة الدولار برأسها على لبنان، كانت أزمة النفايات وتكدّسها في شوارع المناطق هي الشغل الشاغل لمعظم البلديات. لكن منذ أن بدأ سعر صرف الدولار بالارتفاع، ازدهرت مهنة جمع البلاستيك والحديد والكرتون وكل ما يصلح لإعادة التدوير والتصنيع، فيما حقق أصحابها أرباحاً طائلة.
انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، دفع بكثيرين من مختلف الأعمار إلى البحث عن ما يعيلهم في حياتهم. فبدأوا بجمع قناني البلاستيك التي تباع إلى محلات بيع الخردة. سعر كيلو البلاستيك ارتفع من ألف أو خمسمئة ليرة إلى ما يقارب عشرة آلاف ليرة. الإرتفاع طال أسعار الحديد والكرتون والزجاج والتنك، وكل المواد التي تشكل ركناً أساسياً في إعادة التدوير والتصنيع.
عشرات الشبان العاطلون عن العمل تحولوا إلى «جامعي خردة» يجولون بعرباتهم على حاويات الشوارع والمنازل، لجمع ما تيسّر لهم لبيعه إلى تجار الخردة. عمل هؤلاء يبدأ منذ ساعات الصباح الباكر، يجولون في الشوارع وينبشون حاويات النفايات وما رُمي إلى جوانب الطرقات من قناني بلاستيك وزجاجات أو تنك العصائر، يجمعوها ويبيعوها إلى أصحاب «البورة»، حيث يتم تكديسها ليعاد تصديرها إلى الخارج.
كثر باتوا يقدّرون قيمة النفايات القابلة للتدوير. ربات البيوت احتفظت بـ«غالونات» وقناني البلاستيك في النفايات، وجمعوها بأكياس كبيرة ليعاد بيعها مجدداً إلى محلات الخردة. بعدما بات سعر قنينة البلاستيك يبلغ خمسمائة ليرة أو ألف ليرة، حسب سماكته ونوعية البلاستيك المصنوع منه. بالإضافة إلى أن سعر صرف الدولار رفع سعر غالون المياه الفارغ على سبيل المثال، من مئة ليرة إلى ألف ليرة، وربما يزداد أكثر في حال ارتفاع الدولار.
سوق الكرتون ازدهر أيضاً، سعره المرتفع دفع المواطنون إلى تجميعه وبيعه، بعد أن وصل سعر الكرتون إلى ألف ليرة حسب مكوّناتها وسماكتها. وكذلك أكياس النايلون، التي وصل سعر الكيلو غرام منها إلى ٤٠ ألف ليرة، وعمدت الكثير من المحلات إلى الاستغناء عن شراء الأكياس واستبدالها بأكياس من الورق والقماش، فيما عمدت محلات أخرى إلى بيع كل كيس نايلون بـ 500 ليرة.