تحت ستار تسيير المرفق العام وتأمين حسن سير العمل في الظروف الاستثنائية، بات لجوء الوزراء إلى حالات تكليف موظفين في الإدارات العامة هو القاعدة لدى شغور أي مركز، بلا أي قيود، ومن دون الالتفات إلى أهمية أن تتوافر في الشخص المكلّف المؤهلات القريبة من الشروط المنصوص عليها قانوناً، أو إذا ما كان في الحد الأدنى قادراً على القيام بالمهمة المكلف بها.الاستسهال في التكليف خدمة للتنفيع السياسي صار شائعاً. فقد كلف، أخيراً، وزير الزراعة، عباس مرتضى، المساعدة الفنية الزراعية، نغم فقيه، بمهام مدير المدرسة الزراعية الفنية في النبطية، وهي موظفة فئة رابعة ومن حملة البكالوريا الفنية في الزراعة (BT)، وتردد أنها مدعومة من أحد نواب المنطقة، علماً بأن مذكرة التكليف لا ترتب للمكلفة أي تعويضات إضافية. «لكن عدم أهلية المدير يمكن أن تعرض مستقبل الطلاب للخطر»، كما قالت مصادر الأساتذة في المدرسة، مشيرة إلى أن المذكرة لم تتضمن التوصيف الوظيفي للمديرة المكلفة، أي مساعد فني زراعي، ورقمها المالي وفئتها الوظيفية. كذلك أخذت المصادر على المذكرة أنها لم تضع اسم مجلس الخدمة المدنية في خانة المبلغين. إلا أن رئيسة مجلس الخدمة نسرين مشموشي قالت لـ«الأخبار» إن المجلس لا يعنى بأفراد الهيئة التعليمية، علماً بأن إدارة الموظفين في المجلس تحدد، وفق البند 2 من المادة 12 من المرسوم الاشتراعي 114 بتاريخ 6/ 12 /1959 شروط تنظيم ملفات الموظفين الشخصية في الإدارات والمؤسسات العامة وتحفظ خلاصات عنها.
في المبدأ، التكليف يتجاوز صراحة الحالات المنصوص عليها في المادة 49 من المرسوم الاشتراعي 112 بتاريخ 12/6/1959 (نظام الموظفين)، وجاء فيها «في ما عدا حالات الأصالة والوكالة والانتداب، لا تعتبر قانونية أي حالة أخرى للموظفين العامين، كالوضع تحت تصرف الوزير أو إدارة ما...».
وزير الزراعة: لا «مطاحشة» على الوظيفة لأنها متعبة وغير مغرية


لكن إذا كانت الغاية ملء الشغور وتسيير الأعمال، وإذا كان لا بد من مخالفة المادة 49، والتي جرى تجاوزها في مراكز وظيفية عديدة، فإن «مقتضيات المصلحة العامة» تفرض، على الأقل، أن تكون المواصفات قريبة من شروط التعيين المنصوص عليها في الفقرة ب من المادة 8 من قانون تنظيم التعليم الزراعي الرسمي87/7 بتاريخ 2 أيار 1987 : «يعين وزير الزراعة بناءً على اقتراح المدير العام، مدير المدرسة الزراعية الفنية، بالاختيار من بين أفراد هيئة التدريس الموظفين من رتبة مهندس زراعي (فئة ثالثة) أو طبيب بيطري الذين لهم خبرة ثلاث سنوات على الاقل».
الوزراء يتمسكون بأن لا نص صريحاً يمنعهم من تكليف شخص دون آخر (لأن التكليف غير قانوني أصلاً)، وهو ما يمكن أن يبقي مثلاً موظفاً فئة رابعة يسيّر أعمال القائمقامية سنوات في التكليف، وأجيراً يدير مركزاً زراعياً تابعاً لوزارة الزراعة.
فقيه قالت إنها «كلفت بتسيير العمل إلى حين تأمين البديل ولم تعيّن، وهذا الأمر يحدث في 99% من المراكز الشاغرة في الوزارات، لغياب التعيين في مجلس الوزراء».
من جهته، أشار وزير الزراعة إلى أنه ليس هناك أي شيء يلزمه في حالة التكليف، إذ يستطيع أن يكلف من يراه مناسباً في انتظار تنظيم مباراة في مجلس الخدمة المدنية تسمح لجميع الموظفين بالمشاركة، ومن ينجح يعيّن مديراً. وعمّا إذا كان التكليف سياسياً، كان لافتاً ما قاله مرتضى لجهة أن هذه الوظيفة متعبة وليست مغرية، ولم يكن أحد متحمّساً لها، أو هناك «مطاحشة» ومطاحنة عليها، إذ إن المدير يداوم من الثامنة صباحاً حتى الثالثة والنصف من بعد الظهر! (الدوام الطبيعي للوظيفة العامة)، «ومنيح اللي لقينا حدا أبدى رغبة بالقيام بمهام إدارة المدرسة إضافة إلى مهامه الأساسية».