تطوّر جديد طرأ على النّزاع المحتدم بين بلديتي بقاعصفرين وبشري حول القرنة السوداء، من شأنه أن يزيد من حدّة الخلاف والسجال والتوتر الدائرة بينهما منذ سنوات، حول القمة الأعلى في لبنان وبلاد الشّام، بارتفاع يصل إلى 3088 متراً عن سطح البحر.
فقد طالبت قائمقام قضاء المنية ـ الضنية، رولا البايع، في كتاب وجّهته إلى رئيس بلدية بقاعصفرين، بلال زود، في 15 حزيران الجاري، بـ«اتخاذ قرار بإلغاء العمل بالشعار الجديد للبلدية، (والذي وضعته في 3 أيّار الماضي)، وسحبه عن كامل معاملات البلدية الرسمية، وعن وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لحين إبراز مستند يثبت موافقة وزارة الداخلية على الشعار الجديد، وذلك خلال مهلة أسبوع من تاريخه».

وقد جاء هذا الطلب بعد شكوى تقدّمت بها بلدية بشرّي إلى محافظ الشمال، رمزي نهرا، تقضي بمنع بلدية بقاعصفرين من «استعمال صورة واسم القرنة السوداء في شعار البلدية». وبرّر نهرا، في كتاب الإحالة إلى البايع، طلبه بالقول إن «منطقة القرنة السوداء متنازع عليها عقارياً، بين بلديتي بقاعصفرين وبشري، وهو موضوع عالق أمام القضاء المختص».

غير أن زود قال في حديث إلى «الأخبار»: «سأعترض على الطلب ولن أنفّذه. ونحن بصدد توجيه اعتراضات عليه إلى القائمقام والمحافظ ووزارة الداخلية»، وأضاف: «عندما وضعنا صورة القرنة السوداء على شعار البلدية، فعلنا ذلك لأنها تتبع لنا عقارياً. ونحن لم نعتدِ على أحد كما يفعل غيرنا»، في إشارة إلى اعتداءات تتكرّر مطلع كل صيف، من مواطنين في بشرّي على مزارعين ورعاة في القرنة السوداء ومحيطها، كان آخرها اعتداء مسلّحين على قطيع ماشية لراعٍ من بقاعصفرين، في 9 حزيران الجاري، ما أسفر عن نفوق عدد من المواشي بعد رميهم بالرصاص الحيّ.


انقر على الصورة لتكبيرها

كذلك، شدّد زود على أن «صورة القرنة السوداء سوف تبقى على شعار بلدية بقاعصفرين، وإذا كان أحد يقبل أن تُنزع الأرزة عن علم لبنان، فإننا نقبل أن تُنزع القرنة السوداء عن شعار بلديتنا»، مؤكداً أن «القرنة السوداء بالنسبة إلينا، هي مثل الأرزة في العلم اللبناني».

ولم يكتف زود بذلك، فقد قام عمّال البلدية، يوم أمس، بنزع لوحة الاستقبال القديمة عند مدخل البلدة، ووضعوا مكانها لوحة جديدة تشير إلى الطريق المؤدية إلى القرنة السوداء، في خطوة تمهّد الطريق لوضع لوحات أخرى مماثلة، تمتدّ على طول الطريق الرئيسية من مدينة طرابلس إلى بقاعصفرين، «تكريساً للحق والواقع»، على حدّ قوله.

ويرفض زود القول إن القرنة السوداء هي منطقة متنازع عليها عقارياً بين بقاعصفرين وبشرّي، بل يرى أنها منطقة «معتدى عليها من قبل بعض أهالي بشري»، مضيفاً أن «كل الخرائط الرسمية، ومنها خرائط مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني، تحدّد حدود كل قضاء في لبنان، وفي هذه الخرائط جميعها، يتضح أن القرنة السوداء تقع في الضنية، وهي تبعد عن قضاء بشرّي أكثر من كيلومترين ونصف»، متّهماً البعض في بشري «بتزوير الخرائط، واتباع أساليب تحريض، والعمل على افتعال فتنة».

كما أظهر زود أيضاً وثيقة رسمية تثبت ذلك. ففي العام 2014، رفع رئيس بلدية بقاعصفرين يومها، منير كنج، طلباً إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، طلب بموجبه إظهار حدود المنطقة التي تقع فيها القرنة السوداء، بعد وقوع إشكالات آنذاك بين مواطنين من الضنية وآخرين من بشرّي. وقد أحال نهرا الطلب إلى أمين السجل العقاري في الشمال «لإجراء الكشف»، ليردّ هذا الأخير على المحافظ، في 12/ 8/ 2014، موضحاً أنه «بعد الكشف، تبين أن القرنة السوداء تقع في الضنية، في منطقة عقارية ممسوحة تتبع بلدية بقاعصفرين».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا