العام الماضي، تقدّمت 282 مرشحة إلى امتحان الدخول في فروع كلية العلوم الصحية في الجامعة اللبنانية، في اختصاص القبالة القانونية، قُبلت 89 منهن للتسجيل في السنة الأولى. تشير هذه الأرقام التي تتشابه بين عامٍ وآخر الى أن هذا الاختصاص لا يزال يستقطب كثيرات من الشغوفات بتلك المهنة. لم يخفت الإقبال على الاختصاص الذي دخل إلى لبنان عام 1922، مع أول مدرسة للقبالة أسّستها جامعة القديس يوسف، وألحقتها في حينها بكلية الطب الفرنسية المعروفة بـ«الطبّية». ارتبطت تلك الخطوة برغبة عددٍ من الأطباء اللبنانيين والفرنسيين في تخفيف نسبة وفيات الأمهات وأطفالهن عند الولادة، كما نسبة الحالات الصّعبة التي تحدث بعد الولادة كحمّى النّفاس أو عوارض أخرى غير متوقّعة تضرّ بصحّة النّساء بسبب غياب النّظافة في عمل «الدايات» وافتقادهنّ لمعرفةٍ علميةٍ للتصرف في مثل تلك الحالات.

1257

هو عدد القابلات القانونيات المنتسبات إلى النقابة
70%
نسبة خرّيجي الجامعة اللبنانية من عدد القابلات العاملات
65%
من القابلات يعملن في المستشفيات
5%
يعملن في مراكز الرعاية
5%
يعملن في عياداتهن الخاصة
25%
يكملن تعليمهن أو يعملن في الخارج أو يرتبطن بأعمال إدارية


فتحت مدرسة اليسوعية الباب أمام «تحسين شروط» القبالة، وتوضيح مهامّ تلك المهنة التي باتت متخصّصة في مساعدة النساء المقبلات على الولادة خلال فترات الحمل والمخاض وما بعد الولادة. مع الوقت، توسّعت مهام القابلة لتطاول حديثي الولادة ومساعدة الأمّ في الرضاعة الطبيعية وإجراء فحوص سريريّة لازمة كفحص الموجات فوق الصّوتية، وقد تصف للحوامل بعض الأدوية والفحوصات المخبرية المختلفة. إضافة الى ذلك، توفّر القابلة القانونية من خلال المعاينات الطبية الرعاية الصحية الأولية للمرأة، والرعاية المتعلقة بالصحة الإنجابية والاختبارات السنوية لأمراض النساء، وتنظيم الأسرة ورعاية بعد انقطاع الطمث (سنّ اليأس).
وبحسب عميدة كليّة الصّحة في الجامعة اللّبنانية حسناء بوهارون، «تلعب القابلة القانونيّة دوراً مهماً في التثقيف الصحي للأسرة من خلال سلسلة مستمرة من الرّعاية، تشمل التّحضير لدور الوالدين خلال فترة البلوغ والمراهقة للفتيات، وأيضاً في مجالات معينة من أمراض النساء، كما تنظيم الأسرة ورعاية الأطفال». تضيف بوهارون: «هنا تكمن أهميّة هذا الاختصاص وهذه المهنة، لأنّ هذه السلسلة من الرّعاية تساهم في تحسين الوضع الطبيعي للعمليات الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية والثقافية للأسرة بشكل عام، وللمرأة بشكل خاص، فالعمل بالشراكة معها يساهم في تقويتها ودعم قدراتها لرعاية نفسها وأسرتها، ما يعزّز احترام المرأة واحترام ظروف حياتها وآرائها الشخصية».
يتبع طلاب القبالة القانونية برنامجاً تدريسياً وتدريبياً يمتد على أربع سنوات، يكتسب الطّلاب خلالها المؤهلات اللازمة للحصول على شهادة الإجازة التخصصية، وبالتالي على إذن مزاولة المهنة من وزارة الصحة ، كـ«بطاقة عبور» نحو المهنة. يبدأ البرنامج التدريبي «من السنة الأولى، حيث نتعرّف أوّلاً إلى أقسام المستشفى وطبيعة العمل داخله، فنكتسب معرفة شاملة عمّا يحصل داخل المستشفى، لنتخصّص في التدرّب بعد ذلك في أقسام الولادة»، تقول بيان جواد، طالبة السنة الثالثة في كلية العلوم الصحية في الجامعة اللبنانية. تعود جواد ثلاث سنواتٍ إلى الوراء لحظة اختيارها لاختصاصها، وما دفعها إليه كانت حاجتها إلى «المساهمة في تعزيز الوعي المجتمعي حول دور القابلة وأهميتها في حياة المرأة، إضافة إلى مساهمة هذا الاختصاص في اكتشاف الكثير عن حياة المرأة والطفل». أما بالنسبة إلى غيا عبدو، التي تدرس القبالة القانونيّة في جامعة القدّيس يوسف، فهو «شغف»، وهي اختارت هذا الاختصاص «لأنّه يمكّنني من مساعدة ورعاية الأمّ على وجه الخصوص في مسيرتها بين الحمل والولادة وحتّى بعدها، فمشاعر مشاركتها فرحها حين قدوم مولودها لا توصف». وثمة سبب آخر أيضاً، وهو «أن القابلة تستطيع فهم المرأة لكونها امرأة مثلها، وتستطيع دعمها في الأوقات التي تحتاج إليها فيها».

النّظام الصحي يعطي الأولوية للطبيب ولا يلحظ أهمية الدور الأساسي للقابلة في التثقيف الصحي


وفي ما يتعلق بسوق العمل، تشير بوهارون إلى أنّ «الطّلب على القابلة القانونية عالٍ جداً، لكن شروط ممارسة المهنة في المستشفيات والمراكز الصحية لا توازي قيمة عمل القابلة القانونية والمسؤولية الملقاة على عاتقها، وما تقدّمه من جهود نفسيّة وجسديّة». وفي هذا السياق، تلفت إلى أنّ «النّظام الصحي في لبنان يضع الطبيب في الأولوية ويعطيه كل الحقوق، ولا يلحظ أهمية الدور الأساسي للقابلة في التثقيف الصحي وتحسين صحة المجتمع ككلّ، ما يحدّ من ممارسة عملها بشكل مستقلّ في عيادة مثلاً». علماً أنه، بحسب بوهارون، وجود القابلة القانونية، عامل أساس، فـ «كلّما زاد وجود القابلات القانونيات، زادت فرصة النّساء بالحصول على الرّعاية اللازمة لهنّ ولأطفالهنّ، وبالتّالي الحفاظ على الصّحة المجتمعيّة، إذ إنّ صحة الأسر بكاملها هي من صحة الأمّهات».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا