تضحك السيدة السبعينية لدى سؤالها عن نصيحتها لفتيات اليوم لـ«التمكيج» بأقل كلفة ممكنة، بعد الانهيار الاقتصادي، وتقول: «يركّوا عالصابون البلدي وماء الزهر والورد. ويلي بدها تحمّر خدودها تعصر كرز وتمرحو على وجهها. كليوباترا كانت تتحمّم بحليب أنثى الحمار. والحمير كتار. ما في متل الطبيعة».ورغم أن «الطبيعة» أصبحت أيضاً مكلفة بعدما وصل سعر كيلو البطاطا - لا الكرز - الى خمسة آلاف ليرة! إلا أنها تبقى بالتأكيد أقل كلفة من ماركات «الماكياج» الشهيرة التي فقدت مع الانهيار الاقتصادي معظم مستهلكيها. يبدو ذلك واضحاً في الإحجام عن زيارة متاجر الـ Cosmetics. فـ«بعدما كنا نستقبل العشرات يومياً، لا يدخل محلنا اليوم أكثر من 5 سيدات. والأمر نفسه ينطبق على مبيعاتنا أونلاين»، تقول ستيفاني كلّاس، موظفة المبيعات في متجر Zed Store في كسروان. وتوضح: «كانت زبوناتنا يتسابقن على شراء المستحضرات من أشهر العلامات التجارية العالميّة. اليوم، غالبيتهن يسألن عن المنتجات الأرخص. ومن كانت تشتري مجموعة كاملة أصبحت تكتفي بقطعة أو اثنتين».
عاملون في أكثر من متجر يؤكدون أن الطلب على مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة الفاخرة تراجع بشكل كبير، فيما حافظت علامات أخرى على نسبة من المبيعات بعدما اعتمدت سعر صرف للدولار أقل من سعره في السوق الموازية. إلا أن المؤكد أن «غالبية المنتجات التي تُطلب اليوم لم تكن النساء تفكر في شرائها في الماضي، أو أقله ليس بهذه النسب، خصوصاً من ينتمين إلى الطبقة الوسطى وما فوق»، بحسب مديرة أحد محال بيع أدوات التجميل، مشيرة الى أن «سعر قلم الحمرة لبعض العلامات المتوسطة ارتفع من 20 - 25 ألف ليرة الى 70 - 80 ألفاً، لذلك زاد الإقبال على ماركات برازيلية وأخرى محليّة». وإلى الأزمة الاقتصادية، فإن لفيروس «كورونا»، بالتأكيد، دوراً في هذا التراجع الحاد مع إلغاء معظم المناسبات والحفلات والأعراس. أضف الى ذلك أن «الكمامة وفرت الحاجة إلى الحمرة ومساحيق التجميل، إلا في المنطقة التي لا تغطيها من الوجه».
كلفة تصفيف الشعر والعناية بالأظافر والـ Makeup زادت من 150 ألف ليرة إلى 500 ألف


الأزمة انسحبت على مراكز التجميل بعدما «سقطت مقولة أن اللبنانية تضحي بكل شيء للعناية بنفسها»، بحسب صاحب مركز تجميل Helena Touch في جبيل رائد طربيه. ويضيف: «الوضع كارثي. كثيرات ممن كن يقصدننا مرتين أسبوعياً لم نعد نراهن إلا مرة كل ثلاثة أسابيع». وهو «أمر مفهوم، لأن كلفة تصفيف الشعر إضافة إلى العناية بالأظافر والـ Makeup تضاعفت 3 مرات من 150 ألف ليرة إلى 500 ألف. صبغة الشعر التي كانت تكلف 60 ألف ليرة تبدأ كلفتها اليوم من 250 ألفاً».
الارتفاع الهائل في أسعار المنتجات العالميّة شجع شركات محليّة على الاستثمار في هذا المجال وتقديم بدائل بأسعار تنافسية «تقل بنسبة 70% وبدأت تلقى رواجاً»، بحسب طربيه الذي أطلق علامته الخاصة نهاية العام الماضي. فزجاجة العطر المتوسطة الحجم من صنع Armani أو Lancôme أو غيرها لا تباع بأقل من مليون ليرة، «فيما الزجاجة التي نصنعها يصل سعرها الى 300 ألف ليرة».
لكن، من جهة أخرى، نشطت تجارة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة «المقلدة بحرفية عالية ويصعب على كثيرين تمييزها عن الأصلية. وما يزيد من صعوبة كشفها أنها تباع بأسعار قريبة من أسعار الأصلية».
«الوضع ليس مأساوياً تماماً... بعد» بحسب مديرة قسم مستحضرات التجميل والعطور في واحدة من أكبر الشركات اللبنانيّة المستوردة لهذه المنتجات؛ إذ إن «عوامل عديدة ساعدت في كبح الانهيار، منها توافر الدولار لدى أعداد غير قليلة من الزبائن ممن يستفيدون من رخص الليرة للتبضع بكميات كبيرة. كذلك أدت صعوبة السفر والاختلاط بسبب كورونا إلى تحوّل كثيرات من نساء الطبقتين المتوسطة والغنية من الإنفاق على السياحة الى مستحضرات التجميل والعطور والكريمات». أضف الى ذلك أن بعض الشركات اعتمد استراتيجية تسعير بأقل من سعر صرف الدولار في السوق، ما عزّز الإقبال على منتجاته. «إلا أن خطة كهذه تصلح لأشهر فقط، والتقلبات الحادة أخيراً تجعل من الصعب الاستمرار».



خبيرات التجميل... مهنة من الزمن الجميل


لاقت مهنة الـ«ميك أب أرتيست» (Makeup Artist) رواجاً في السنوات الأخيرة مع الإقبال المتزايد على صالونات التجميل. وتلفت خبيرة التجميل وداد بكري الى أن هذه المهنة «كانت تؤمن للعاملات فيها مداخيل محترمة وأرباحاً تكفيهن لعيش حياة لائقة. كانت كلفة الـ Makeup للعرس حوالى 500 دولار، وأبسط Makeup كان يكلف 70 دولاراً».
فيروس كورونا والأزمة غيّرا حياة آلاف العاملات في هذا المجال ممن أصبحت غالبيتهن عاطلات من العمل. «لم نعد نعرف كيف نسعر ونخجل من مجرد طرح السعر على الزبائن. علبة البودرة ارتفع سعرها من 50 ألف ليرة الى 250 ألفاً. الرمش الاصطناعي أصبح سعره 50 ألف ليرة بعدما كنا نشتريه بـ 15 ألفاً. وسعر مجموعة الفراشي قفز من 375 ألف ليرة إلى أكثر من مليونين و500 ألف ليرة». تلفت بكري الى أن «الصعوبة التي تواجهها الكثيرات من العاملات في المجال هو أنهن لا يملكن مؤهلات أخرى».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا