الدكتور الياس خيرالله * تختلف أعراض الحساسية، من شخص الى آخر، باختلاف الحساسية نفسها. قد تظهر الأعراض في المجاري الهوائية التنفسية، في الجيوب والممرات الأنفية، في الجلد أو في الجهاز الهضمي. تشكل ردة فعل الحساسية، في معظم الحالات، مصدر إزعاج وضيق وتكون طفيفة. أما ردات الفعل في حالة الحساسية المفرطة فتكون أكثر خطورة، لأنها تؤثر على أعضاء وأجهزة عديدة في الجسم وقد تسبب الوفاة. وتعرف هذه الظاهرة بالتأق ANAPHYLAXIS أو الحساسية المفرطة.

التأق هو ردة فعل تحسسية شديدة، تنتج بعد التعرض للمؤرجات عن طريق البلع أو التماس مع سطح الجلد أو الحقن أو عبر الاستنشاق في بعض الأحيان، وقد تكون مميتة. غالباً يحدث هذا التفاعل الأرجي خلال ثوان أو دقائق من التعرض لمادة يتحسس منها الإنسان، مثل سم لدغة النحل أو تناول الفول السوداني. يطلق الجهاز المناعي خلال التأق كمية كبيرة من الوسائط الكيميائية (مثل الهيستامين وغيره) في الجسم ويسبب الصدمة التي تتظاهر بانخفاض مفاجئ بالتوتر الشرياني وتضيق المجاري الهوائية، ما يعيق التنفس الطبيعي.
إن شخصاً واحداً من أصل كل 6 أشخاص في العالم معرض للإصابة بالتأق، ومن مجموع المصابين يلقى 1% حتفهم نتيجة مضاعفات المرض.

الأعراض

إن شخصاً واحداً
من أصل كل 6 أشخاص في العالم معرض للإصابة بالتأق
تتضمن أعراض التأق وعلاماته ما يأتي:
تضيّق المجاري التنفسية وتورم الوجه، اللسان أو الحلق، ما يؤدي الى الاختناق إذا لم يتم العلاج بالسرعة الفائقة.
■ تسارع وضعف بالنبض القلبي مع هبوط في الضغط الدموي.
■ طفح جلدي مع توهج، احمرار وحكة.
■ ألم في البطن، غثيان وتقيؤ أو إسهال.
■ زيادة إدرار البول.
■ دوار وإغماء، حتى الموت، إذا لم يتم العلاج بشكل فوري.
المواد المؤرجة الشائعة تشمل:
■ بعض الأطعمة، وخاصة البندق، الجوز، القمح، فول الصويا، الأسماك، فاكهة البحر، السمسم، البيض والحليب...
■ الإضافات الكيميائية الحافظة للمواد الغذائية، مثل السولفيت وجلوتامات مونوصوديوم.
■ عملية نقل الدم وإنتاجه.
■ لقاحات(تطعيمات).
■ السم من الحشرات، مثل لسعات النحل أو الدبابير وبعض أنواع النمل.
■ بعض الأدوية وخصوصاً البنسيلين والأسبرين وغيرهما من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية كما المضادات الحيوية.
■ بعض المواد الوريدية الظليلة المستخدمة في الصور الشعاعية لإحداث التباين.
■ المطاط الطبيعي «اللاتكس» (مادة لبنية تفرز على لحاء بعض الأشجار).
■ المرخيات العضلية المستخدمة في التخدير العام.
■ سبب فيزيائي مثل الحرارة أو البرودة والجهد الرياضي.
■ التوتر العصبي.

المعرّضون للخطر

إن خطر الإصابة بالحساسية يزداد لدى الأشخاص الذين ينتمون الى إحدى المجموعات الآتية:
■ الوراثة: خطر تطور الحساسية يتزايد بين أقارب المرضى الذين يعانون من الربو أو الحساسية، مثل: حمى الكلا، الشرى أو الأكزيما.
■ الأطفال: على الرغم من أن الحساسية قد تظهر في أية مرحلة من العمر، إلا أن الأطفال هم أكثر عرضة من البالغين للإصابة بالحساسية. ففي بعض الأحيان تتزايد الحساسية لدى الأطفال كلما تقدموا في السن. ومع ذلك، في كثير من الحالات تختفي الحساسية، ثم تعود لاحقاً في المستقبل.
■ مرضى الربو أو الأشخاص المصابون بالحساسية: احتمال تطور الحساسية يكون أكبر لدى مرضى الربو، كما أن الأشخاص الذين يعانون من نوع معين من الحساسية معرضون أن تظهر لديهم الحساسية لمواد أخرى أيضاً.
* التهابات الجلد (الأكزيما)، الجيوب الأنفية، الأذن والرئتين: إن خطر الإصابة بهذه الأمراض يزداد لدى الأشخاص الذين يعانون من حمى الكلا (القش) وحساسية الحيوانات أو العفن.

التشخيص

تشخيص المسبب لردود الفعل للحساسية المفرطة يتم بواسطة اختبارات جلدية أو فحص دم إذا رافقها المضاد المناسب
وفي حالة ردود الفعل التاقانية (الشبيهة بالتاقي) يتم تحديد التشخيص من خلال اختبار تحدّ، يتم خلاله تعريض المريض للمسبب المشبوه، بشكل تدريجي وبطيء، لمعرفة ما إذا كانت هناك ردود فعل للحساسية المفرطة (اختبارات تجرى مع ذوي الاختصاص فقط لما تمثل في بعض الأحيان من خطورة).

المضاعفات

يمكن لردة الفعل التأقية أن تكون حالة مهددة للحياة في الحالات الشديدة؛ حيث يمكن أن يحدث خلالها توقف للتنفس أو للقلب. يحتاج المريض في هذه الحالة إلى إنعاش قلبي تنفسي وغيره من العلاجات الإسعافية الفورية.

العلاج

يقوم الفريق الطبي خلال الصدمة التأقية بتأدية عمليات الإنعاش القلبي الرئوي عند توقف التنفس أو توقف عمل القلب. يمكن استعمال الأدوية الآتية:
■ الإيبنفرين Epinephrine لتقليل استجابة الجسم المناعية.
■ الأوكسيجين للتعويض عن ضيق التنفس.
■ مضادات الهيستامين والكورتيزون عبر الوريد لتخفيف الالتهاب الحاصل في جدران القصبات، وبالتالي تحسين التنفس.
■ منبهات مستقبلات بيتا لتحسين الأعراض التنفسية.
ما يجب فعله في الحالات الإسعافية:
إذا كان المرء برفقة شخص يشكو من ردة فعل تحسسية، وظهرت علامات الصدمة الناتجة من التأق، فإن الاستجابة السريعة هي أمر ضروري للغاية.
تتضمن الأعراض الناتجة عن التأق كلاً من:
■ البشرة الشاحبة والباردة والرطبة
■ نبض سريع وضعيف
■ اضطراب التنفس
■ التخليط وفقدان الوعي
حتى لو كان المرافق غير واثق من أن الأعراض ناتجة من التأق، يجب إجراء الخطوات التالية فوراً:
■ الاتصال بالإسعاف.
■ تفقد نبض المريض وتنفسه، مع إجراء الإنعاش القلبي التنفسي وغيره من إجراءات الإسعاف الأولية.
■ إذا كان المريض يحمل معه أدويته مثل أقلام الإيبنفرين المُعدَّة للحقن أو حقنة مضادة الهيستامين والديكساميتازون، فيجب حقنه بها فوراً.
العديد من الأشخاص الذين يشكون من التأق يحملون حقن الطوارئ من «الإيبنفرين» معهم. تكون الحقن مزوّدة بسيرنغ وإبرة مخفية وتقوم بإعطاء جرعة وحيدة من الدواء عندما يتم حقنها في الفخذ. (يجب على المريض التأكد دائماً من تغيير الحقنة قبل انتهاء صلاحيتها، وإلا فإنها لن تكون فعّالة).

إجراءات وقائية

■ العلاج الأساسي الذي يجب اتباعه على المدى البعيد هو الامتناع التام عن مسبببات الحساسية إذا ما تم التعرف إليها بشكل صحيح.
■ توفير علبة طوارئ تحوي قلم حقنة الإبينفرين مع الكورتيزون ومضاد الهيستامين للأشخاص المعرضين للإصابة بالتأق.
■ حمل بطاقة تعريف بهذا النوع من الحساسية لمساعدة طبيب الطوارئ بالتشخيص السريع وإجراء اللازم.
■ يتم في بعض الحالات إبطال الحساسية لبعض المواد المؤرجة (كسمّ لسعة النحل) وذلك عبر تعريض الجسم لجرعات صغيرة متكررة منها وزيادة الجرعات تدريجاً الى أن يستطيع الجسم تقبل هذه المادة دون حدوث تحسس منها. يستفيد من هذا النوع من العلاج مربو النحل مثلاً وهم بحاجة لمتابعة العلاج حتى وقت التقاعد عن عملهم.
■ رئيس الجمعية العلمية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة.